للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني، ابن عم ناصر الدولة، وسيف الدولة ابني حمدان.

قال الثعالبي في وصفه [١] : كان فرد دهره، وشمس عصره، أدبا وفضلا، وكرما ومجدا، وبلاغة وبراعة، وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة، والعذوبة والفخامة والحلاوة [والمتانة] ومعه رواء الطبع، وسمة الظرف، وعزّة الملك. ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلّا في شعر عبد الله بن المعتز. وأبو فراس يعدّ أشعر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام، وكان الصاحب بن عبّاد يقول: بدئ الشعر بملك، وختم بملك، يعني امرأ القيس وأبا فراس، وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز، ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته، ولا يجترئ على مجاراته، وإنما لم يمدحه ومدح من هو دونه من آل حمدان تهيبا له وإجلالا، لا إغفالا وإخلالا. وكان سيف الدولة يعجب جدا بمحاسن أبي فراس، ويميّزه بالإكرام على سائر قومه، [ويصطنعه لنفسه] ويستصحبه في غزواته، ويستخلفه في أعماله.

وكانت الرّوم قد أسرته في بعض وقائعها وهو جريح قد أصابه سهم بقي نصله في فخذه ونقلته إلى خرشنة ثم منها إلى القسطنطينية، وذلك في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة [٢] ، وفداه سيف الدولة، ومن شعره:

قد كنت عدّتي التي أسطو بها ... ويدي إذا اشتدّ الزمان وساعدي

فرميت منك بضدّ ما أمّلته ... والمرء [٣] يشرق بالزّلال البارد


[١] انظر «يتيمة الدهر» (١/ ٥٧) وما بعدها، طبع دار الكتب العلمية ببيروت وانظر «وفيات الأعيان» (٢/ ٥٨- ٦٤) .
[٢] لفظة «وثلاثمائة» لم ترد في المطبوع.
[٣] في الأصل: «والماء» وأثبت لفظ المطبوع وهو موافق لما في «يتيمة الدهر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>