للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم توجه المعزّ إلى الديار المصرية، فشيعه ابن هانئ، ورجع إلى المغرب لأخذ عياله والالتحاق به، فتجهز وتبعه، فلما وصل إلى برقة أضافه شخص من أهلها، فأقام عنده أياما في مجلس الأنس، فيقال: إنهم عربدوا عليه، فقتلوه، وقيل: خرج من تلك الدار وهو سكران، فنام على الطريق، فأصبح ميتا، ولم يعلم سبب موته، وقيل: وجد في سانية [١] من سواني برقة، مخنوقا بتكة سراويله، وكان ذلك في بكرة نهار الأربعاء ثالث عشري رجب من هذه السنة، وعمره ست وثلاثون سنة، وقيل: اثنتان وأربعون.

ولما بلغ المعز وفاته، تأسف عليه كثيرا، وقال: كنّا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق، فلم يقدّر لنا ذلك.

وقال ابن خلكان [٢] : وديوانه كبير [٣] ، ولولا ما فيه من الغلو [في المدح] والإفراط المفضي إلى الكفر لكان من أحسن الدواوين، وليس في المغاربة من هو في طبقته، لا من متقدميهم، ولا متأخريهم، بل هو أشعرهم على الإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة، وكانا متعاصرين، وإن كان في المتنبي وأبي تمام من الاختلاف ما فيه. انتهى.

وقال ابن الأهدل: وكنية ابن هانئ أبو نواس بكنية الحسن بن هانئ الحكمي العراقي، وكان معاصرا للمتنبي، ويقال: إنهما اجتمعا حين أراد المتنبي دخول المغرب فردّه أبو الحسن بن هانئ بنوع حيلة. انتهى.

والحيلة التي ذكرها، قال بعضهم: هي أن المتنبي أراد مدح فاتح قابس، فضجر لذلك، وقال: شاعر لم يرضه عطاء كافور، كيف يرضه عطائي؟


[١] قال ابن منظور: السّانية، وجمعها السّواني، ما يسقى عليه الزرع والحيوان من بعير وغيره.
انظر «لسان العرب» (سنا) .
[٢] انظر «وفيات الأعيان» (٤/ ٤٢١- ٤٢٤) وما بين حاصرتين في الخبر مستدرك منه.
[٣] في الأصل والمطبوع: «كثير» وهو تحريف والتصحيح من «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>