للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتكفل له ابن هانئ بردّه، فيقال: إنه خرج في زيّ أعرابي فقير على راحلة هزيلة، وأمامه شاة هزيلة، فمرّ بهذا الزيّ على المتنبي، وكان على مرحلة من قابس، فلما رآه المتنبي أراد العبث به، فقال له: من أين أتيت؟ قال: من عند الملك، قال: فيما كنت عنده؟ قال: امتدحته بأبيات فأجازني هذه الشاة، فأضمر في نفسه أن الملك من لطفه كونه أجازه بها يظن شعره على قدرها، فقال له: ما قلت فيه؟ قال: قلت [١] :

ضحك الزمان وكان قدما عابسا ... لمّا فتحت بعزم سيفك قابسا

أنكحتها بكرا وما أمهرتها ... إلّا قنا وصوارما وفوارسا

من كان بالسمر العوالي خاطبا ... فتحت له البيض الحصون عرائسا

فتحير المتنبيّ وأمر بتقويض خيامه، وآلى أن لا يمتدحه، إذ جائزته على مثل هذا بمثل هذه.

ومن غرر المدائح ونخب الشعر قوله في مدح المعز العبيدي المذكور:

هل من أعقّة [٢] عالج يبرين ... أم منهما بقر الحدوج [٣] العين

ولمن ليال ما ذممنا عهدها ... مذ كنّ إلّا ما لهن شجون

المشرقات كأنهنّ كواكب ... والناعمات كأنهنّ غصون

بيض وما ضحك الصباح وإنها [٤] ... بالمسك من طرر [٥] الحسان لجون

أدمى لها المرجان صفحة خدّه ... وبكى عليه اللؤلؤ المكنون

أعدى الحمام تأوّهى من بعدها ... فكأنّه فيما سجعن رنين [٦]


[١] الأبيات من قصيدة طويلة جدا في «ديوانه» ص (٣٥٠- ٣٥٧) طبع دار صادر ببيروت وأوردها ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٤/ ٤٢٢- ٤٢٣) .
[٢] في الأصل والمطبوع: «من بمعهد» وأثبت لفظ «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .
[٣] في الأصل: «نفر الجدوح» وأثبت لفظ «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .
[٤] في الأصل والمطبوع: «وإنما» وأثبت لفظ «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .
[٥] في الأصل والمطبوع: «من طور» وأثبت لفظ «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .
[٦] في الأصل والمطبوع: «فكأنها مما شخصن رنين» وأثبت لفظ «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>