للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها ابن قريعة القاضي البغدادي، أبو بكر، محمد بن عبد الرحمن. أخذ عن أبي بكر بن الأنباري وغيره، وكان ظريفا مزّاحا، صاحب نوادر وسرعة جواب، وكان نديما للوزير المهلّبي. ولي قضاء بعض الأعمال، وقد نيّف على الستين.

قال ابن خلّكان [١] : كان قاضي السّندية وغيرها من أعمال بغداد، ولّاه أبو السائب عتبة بن عبيد الله القاضي، وكان من [٢] إحدى عجائب الدّنيا في سرعة البديهة في الجواب عن جميع ما يسأل عنه، في أفصح لفظ، وأملح سجع، وله مسائل وأجوبة مدوّنة في كتاب مشهور بأيدي الناس، وكان رؤساء ذلك العصر وفضلاؤه يداعبونه ويكتبون إليه المسائل الغريبة المضحكة، فيكتب الجواب من غير توقف ولا تلبث، مطابقا لما سألوه، وكان الوزير المهلبي يغري به جماعة يضعون له من الأسئلة الهزلية معان شتى من النوادر الظريفة [٣] ليجيب عنها بتلك الأجوبة، فمن ذلك ما كتب إليه العبّاس بن المعلى الكاتب: ما يقول القاضي- وفقه الله تعالى- في يهودي زنى بنصرانية، فولدت ولدا جسمه للبشر ووجهه للبقر، وقد قبض عليهما، فما يرى القاضي فيهما، فكتب جوابه بديها: هذا من أعدل الشهود على [الملاعين] [٤] اليهود بأنهم أشربوا العجل في صدورهم حتّى خرج من أيورهم، وأرى أن يناط برأس اليهودي رأس العجل، ويصلب على عنق النصرانية السّاق مع الرجل، ويسحبا على الأرض، وينادى عليهما ظلمات بعضها فوق بعض، والسلام.

ولما قدم الصاحب بن عبّاد إلى بغداد، حضر مجلس الوزير أبي محمد


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٤/ ٣٨٢- ٣٨٤) .
[٢] لفظة «من» سقطت من المطبوع.
[٣] في «وفيات الأعيان» : «من المسائل الطنزية» .
[٤] ما بين حاصرتين زيادة من «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>