للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهلبي، وكان في المجلس القاضي أبو بكر المذكور، فرأى من ظرفه وسرعة أجوبته مع لطافتها ما عظم منه تعجبه، فكتب الصاحب إلى أبي الفضل بن العميد كتابا يقول فيه: وكان في المجلس شيخ خفيف الرّوح، يعرف بالقاضي ابن قريعة، جاراني في مسائل خفّتها [١] تمنع من ذكرها، إلا أني سأطرفك [٢] من كلامه، وقد سأله رجل بحضرة الوزير أبي محمد عن حدّ القفا، فقال: ما اشتمل [٣] عليه جربّانك [ومازحك فيه إخوانك] [٤] وأدّبك فيه سلطانك، وباسطك فيه غلمانك.

وجربّان: بضم الجيم والراء، وتشديد الباء الموحدة، وبعدها ألف، ثم نون لينة، وهي الخرقة العريضة التي فوق القبّ، وهي التي تستر القفا، والجربان لفظ فارسي معرب.

وجميع مسائله على هذا الأسلوب. انتهى ما أورده ابن خلكان ملخصا.

وقال ابن حمدون في «تذكرته» [٥] : كان ابن قريعة في مجلس المهلّبي، فوردت عليه رقعة فيها: ما يقول القاضي أعزّه الله، في رجل دخل الحمّام، فجلس في الأبزن لعلة كانت به، فخرجت منه ريح، فتحول الماء زيتا، فتخاصم الحمّامي والضارط، وادّعى كل واحد منهما أنه يستحق جميع الزيت لحقه فيه، فكتب القاضي في الجواب: قرأت هذه الفتيا الظريفة في


[١] في «وفيات الأعيان» : «خسّتها» .
[٢] في «وفيات الأعيان» : «استظرفت» .
[٣] في الأصل: «ما يشتمل» وأثبت لفظ المطبوع وهو موافق للفظ «وفيات الأعيان» .
[٤] ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته من «وفيات الأعيان» .
[٥] قال العلّامة المؤرخ خير الدّين الزركلي- طيّب الله ثراه- في ترجمة ابن حمدون في «الأعلام» (٦/ ٨٥) : منها خمسة أجزاء مخطوطة، طبعت قطعة صغيرة من أحدها. وانظر «كشف الظنون» (١/ ٣٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>