للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبه جناحين، وقال: أريد أن أطير، [وطفر] فأهلك نفسه، رحمه الله. قاله في «العبر» [١] .

وقال السيوطي في «طبقات النحاة» : قال ياقوت [٢] : كان من أعاجيب الزّمان، ذكاء وفطنة وعلما، وأصله من فاراب من بلاد التّرك، وكان إماما في اللّغة والأدب، وكان يؤثر السّفر على الحضر، ويطوف الآفاق. دخل العراق فقرأ العربيّة على أبي عليّ الفارسي، و [أبي سعيد] السّيرافي، وسافر إلى الحجاز، وشافه باللّغة العرب العاربة، وطاف بلاد ربيعة، ومضر، ثم عاد إلى خراسان، ثم أقام بنيسابور ملازما للتدريس، والتّأليف [وتعليم الخطّ] [٣] وكتابة المصاحف والدفاتر، حتّى مضى لسبيله على آثار جميلة، وصنّف كتابا في العروض، و «مقدمة» في النحو، و «الصحاح» في اللغة، مع تصحيف فيه في مواضع عدة تتبّعها عليه المحقّقون، قيل: إن سببه أنه لما صنّفه سمع عليه إلى باب الضاد المعجمة، وعرض عليه وسوسة، فانتقل إلى الجامع القديم بنيسابور، فصعد سطحه وقال: أيّها الناس، إني عملت في الدّنيا شيئا لم أسبق إليه، فسأعمل للآخرة أمرا لم أسبق [٤] إليه، وضم إلى جنبيه مصراعي باب، وتأبّطهما بحبل، وصعد مكانا عاليا، وزعم أنه يطير، فوقع فمات، وبقي سائر الكتاب مسوّدة غير منقّح ولا مبيّض، فبيّضه تلميذه إبراهيم بن صالح الورّاق [٥] فغلط فيه في مواضع. انتهى كلام السيوطي ملخصا.

وفيها الطائع لله، أبو بكر عبد الكريم بن المطيع لله، الفضل بن


[١] (٣/ ٥٧) وما بين حاصرتين مستدرك منه. وقوله: «وطفر» أي وثب.
[٢] انظر كلام ياقوت في «معجم الأدباء» (٦/ ١٥١- ١٥٧) وقد نقل السيوطي كلامه بتصرّف واختصار.
[٣] زيادة من «معجم الأدباء» .
[٤] في المطبوع: «لم يسبق» .
[٥] انظر ترجمته ومصادرها في «إنباه الرواة» للقفطي (١/ ١٦٩- ١٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>