للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقتدر جعفر، بن المعتضد أحمد [بن] الموفق العبّاسي [١] ، دخل عليه بهاء الدولة، وكان حنق عليه لسبب، فقبّل الأرض، ووقف ثم أومأ إلى جماعة من أصحابه كان واطأهم على فعل ما سنذكره، فجذبوا الطائع لله من سريره، ولفّوه في كساء، وأخرجوه من الباب المعروف بباب بدر، وحملوه إلى دار المملكة ملفوفا على قفا فراش، ثم أشهد عليه بخلع نفسه، وسملت عيناه، وقطع قطعة من إحدى أذنيه، وكان بهاء الدولة قبض عليه في يوم السبت، تاسع عشر شعبان، سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وفي ليلة الأحد ثالث رجب سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، سلّم الطائع لله إلى القادر بالله، فأنزله حجرة من حجر خاصته، ووكّل به من يحفظه من ثقات خدمه، وأحسن ضيافته ومراعاة أموره، غير أنه تقدم بجذع أنفه، فقطع يسير من مارن أنفه [٢] مع ما كان قطع أولا من أذنه. وتوفي الطائع لله يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان، وكانت دولته أربعا وعشرين سنة، وكان مربوعا أبيض، أشقر، مجدور الوجه، كبير الأنف، أبخر الفم، شديد القوى، في خلقه حدّة، واستمر مكرما محترما في دار عند القادر بالله، إلى أن مات، وله ثلاث وسبعون سنة، وصلى عليه القادر بالله، وشيّعه الأكابر، ورثاه الشريف الرضي [٣] .

وفيها المنصور الحاجب، أبو عامر، محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني المعافري- بالفتح وكسر الفاء وراء، نسبة إلى المعافر، بطن من قحطان- الأندلسي، مدبّر دولة المؤيد بالله، هشام بن المستنصر بالله، الحكم بن عبد الرّحمن الأموي، لأن المؤيد بايعوه بعد أبيه، وله تسع سنين، وبقي صورة، وأبو عامر هو الكلّ، وكان حازما، بطلا، شجاعا، غزّاء،


[١] انظر ترجمته ومصادرها في «فوات الوفيات» لابن شاكر الكتبي (٢/ ٣٧٥- ٣٧٦) .
[٢] مارن الأنف: ما لان من الأنف وفضل عن القصبة. انظر «مختار الصحاح» (مرن) .
[٣] وذلك في قصيدة مطوّلة انظرها في «ديوانه» (٢/ ١٩٧- ٢٠١) طبع دار صادر ببيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>