للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللّغوي، صاحب كتاب «الفصوص» روى بالمشرق عن أبي سعيد [١] السّيرافي، وأبي علي الفارسي، وأبي سليمان الخطابي، ودخل الأندلس في أيام هشام بن الحكم، وولاية المنصور بن [أبي] عامر، في حدود ثمانين وثلاثمائة. وأصله من بلاد الموصل، ودخل بغداد، وكان عالما باللغة والأدب والأخبار، وسريع الجواب، حسن الشعر، طيب المعاشرة، [ممتعا] ، فأكرمه المنصور وزاد في الإحسان إليه والإفضال عليه، وكان مع ذلك محسنا للسؤال، حاذقا في استخراج الأموال، وجمع كتاب «الفصوص» نحا فيه منحى القالي في «أماليه» وأثابه عليه خمسة آلاف دينار، وكان يتّهم بالكذب في نقله، فلهذا رفض الناس كتابه.

ولما دخل مدينة دانية وحضر مجلس الموفق مجاهد بن عبد الله العامري أمير [٢] البلد، وكان في المجلس أديب [٣] يقال له بشار، وكان أعمى فقال [٤] : يا أبا العلاء، فقال: لبّيك، فقال: ما الجرنفل في كلام العرب فعرف أبو العلاء أنه وضع هذه الكلمة وليس لها أصل في اللغة، فقال له بعد أن أطرق ساعة، هو الذي يفعل بنساء العميان ولا يفعل بغيرهنّ، ولا يكون الجرنفل جرنفلا حتّى لا يتعداهنّ إلى غيرهنّ، فخجل بشار [وانكسر] ، وضحك من كان [حاضرا] [٥] ، وتوفي صاعد بصقلية، ولما ظهر للمنصور كذبه في النقل وعدم تثبته، رمى كتاب «الفصوص» في البحر [٦] ، لأنه قيل له: جميع ما فيه لا صحة له، فعمل فيه بعض شعراء عصره:


[١] في «آ» عن «سعيد» وأثبت ما في «ط» وهو الصواب.
[٢] في «آ» و «ط» : «أمين» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[٣] في «آ» : «لبيب» وأثبت ما في «ط» وهو موافق لما في «وفيات الأعيان» .
[٤] لفظة «فقال» سقطت من «ط» .
[٥] لفظة «حاضرا» سقطت من «آ» .
[٦] في «وفيات الأعيان» : «في النهر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>