للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبد الغافر الفارسي: كان صادق النّية في إعلاء كلمة الله تعالى، مظفّرا في غزواته، ما خلت سنة من سنّي ملكه عن غزوة أو سفرة، وكان ذكيا، بعيد الغور، موفق الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء.

قال ابن خلّكان [١] : وملك بلاد خراسان، وانقطعت الدولة السامانية منها، وذلك في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، واستتب [٢] له الملك، وسيّر له الإمام القادر بالله خلعة السلطنة، ولقبه بيمين الدولة وأمين الملّة، وتبوأ سرير المملكة، وقام بين يديه أمراء خراسان، سماطين مقيمين برسم الخدمة، وملتزمين حكم الهيبة، وأجلسهم بعد الإذن العام على مجلس الأنس، وأمر لكل واحد منهم [ولسائر غلمانه وخاصّته ووجوه أوليائه] وحاشيته من الخلع والصّلات ونفائس الأمتعة ما لم يسمع بمثله، واتّسقت الأمور عن آخرها في كنف إيالته، واستوثقت الأعمال في ضمن كفالته، ثم إنه ملك سجستان في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، بدخول قوّادها وولاة أمورها في طاعته من غير قتال.

ولم يزل يفتح بلاد الهند إلى أن انتهى إلى حيث لم تبلغه في الإسلام راية. ولم تتل به سورة قطّ ولا آية، فدحض [٣] عنها أدناس الشرك، وبنى بها مساجد وجوامع، وتفصيل حاله يطول شرحه.

وذكر شيخنا ابن الأثير في «تاريخه» أن بعض الملوك بقلاع الهند أهدى له هدايا كثيرة، من جملتها طائر على هيئة القمري من خاصيته أنه إذا حضر الطعام وفيه سم، دمعت عيناه، وجرى منها ماء وتحجّر، فإذا حكّ [٤] ووضع


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٥/ ١٧٧- ١٨١) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
[٢] في «آ» و «ط» : «واستثبت» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[٣] في «وفيات الأعيان» : «فرحض» .
[٤] في «آ» و «ط» : «حلّ» باللام وهو خطأ، والتصحيح من «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (٩/ ٣٣٤) طبع دار صادر، و «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>