للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجامع المنصور، يفتي ويشهد. قرأت [١] على المبارك بن عبد الجبّار- من أصله في حلقتنا بجامع المنصور- قلت له: حدّثك القاضي الشريف أبو علي قال: باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب الديانات.

حقيقة الإيمان عند أهل الأديان: الاعتقاد بالقلب، والنطق باللّسان: أن الله عزّ وجل واحد أحد، فرد صمد، لا يغيّره الأبد، ليس له والد ولا ولد، وأنه سميع بصير، بديع قدير، حكيم خبير، عليّ كبير، وليّ نصير، قوي مجير، ليس له شبيه [٢] ولا نظير، ولا عون ولا ظهير، ولا شريك ولا وزير، ولا ندّ ولا مشير، سبق الأشياء، فهو قديم لا كقدمها [٣] ، وعلم كون وجودها في نهاية عدمها، لم تملكه الخواطر فتكيّفه، ولم تدركه الأبصار فتصفه، ولم يخل من علمه مكان فيقع به التأيين، ولم يعدمه زمان فينطلق [٤] عليه التأوين. ولم يتقدمه دهر ولا حين، ولا كان قبله كون ولا تكوين، ولا تجري ماهيته في مقال، ولا تخطر كيفيته ببال، ولا يدخل في الأمثال والأشكال، صفاته كذاته، ليس بجسم في صفاته، جلّ أن يشبّه بمبتدعاته أو يضاف إلى مصنوعاته لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ٤٢: ١١ [الشورى:

١١] أراد ما العالم فاعلوه ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه. خلق الخلائق وأفعالهم، وقدّر أرزاقهم وآجالهم، لا سمّي له في أرضه وسماواته، على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وعلمه محيط بالأشياء. كذلك سئل [الإمام] أحمد بن محمد بن حنبل عن قوله عزّ وجل ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى من ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ٥٨: ٧ [المجادلة: ٧] فقال: علمه.


[١] تحرّفت في «آ» إلى «قراءة» وأثبت لفظ «ط» و «طبقات الحنابلة» .
[٢] في «ط» : «شبه» .
[٣] في «آ» و «ط» : «فهو قديم قدمها» والتصحيح من «طبقات الحنابلة» .
[٤] في «آ» : «فيطلق» وأثبت لفظ «ط» و «طبقات الحنابلة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>