للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رماحهم، وانقصفت سيوفهم، ومشى بعضهم إلى بعض وتضاربوا [١] بما بقي من السيوف وعمد الحديد، فلا تسمع إلا غمغمة، وهمهمة القوم، والحديد في الهام، فلما صارت السيوف كالمناجل تراموا بالحجارة، ثم جثوا على الركب فتحاثوا بالتراب، ثم تكادموا بالأفواه، وكسفت الشمس من الغبار، وسقطت الألوية والرايات، واقتتلوا من بعد صلاة الصبح إلى نصف الليل، وذلك في شهر ربيع الأول، قاله الإمام أحمد في «تاريخه» ، وقال غيره: في ربيع الآخر، وقيل: في صفر، وكان عدد أصحاب عليّ مائة وعشرين، أو ثلاثين ألفا، وأهل الشام مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفا، وكان في جانب عليّ جماعة من البدريّين وأهل بيعة الرّضوان، ورايات رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإجماع منعقد على إمامته وبغي [٢] الطائفة الأخرى، ولا يجوز تكفيرهم كسائر البغاة، واستدل أهل السّنّة والجماعة على ترجيح جانب عليّ بدلائل، أظهرها وأثبتها قوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: «تقتلك الفئة الباغية» وهو حديث ثابت [٣] . ولما بلغ معاوية ذلك قال: إنما قتله من أخرجه، فقال عليّ: إذا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة لأنه أخرجه، وهو إلزام لا جواب عنه، وحجة لا اعتراض عليها، وكان شبهة [٤] معاوية ومن معه، الطلب بدم عثمان، وكان الواجب عليهم شرعا


[١] في المطبوع: «وتقاربوا» وهو خطأ.
[٢] في الأصل: «ونفي» وما أثبتناه من المطبوع.
[٣] ذكره بهذا اللفظ من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٩/ ٢٩٥) وقال: رواه أبو يعلى، والطبراني بنحوه، ورواه البزار باختصار وسنده حسن. ورواه أحمد في «المسند» (٣/ ٩١) ، والبخاري رقم (٤٤٧) في الصلاة، باب التعاون في بناء المسجد ورقم (٢٨١٢) في الجهاد، باب مسح الغبار عن الأمن في سبيل الله من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بلفظ: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية» يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» . ورواه مسلم رقم (٢٩١٦) (٧٣) من حديث أم سلمة رضي الله عنها بلفظ: «تقتل عمارا الفئة الباغية» .
[٤] في الأصل: «شبه» وأثبتنا ما في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>