للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مائتا دينار على العلماء والفقراء، وأوصى أن يتصدّق بثيابه، ووقف كتبه على المسلمين، ولم يكن له عقب. انتهى.

وفيها ابن زيدون، شاعر الأندلس، أبو الوليد، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي، الشاعر المشهور.

قال ابن بسام صاحب «الذخيرة» [١] في حقه: كان أبو الوليد غاية [٢] منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني مخزوم، أحد من جرّ الأيام جرّا، وفات الأنام طرّا، وصرّف السلطان نفعا وضرّا، ووسع البيان نظما ونثرا، إلى أدب ليس للبحر تدفقه، ولا للبدر تألّقه، وشعر ليس للسحر بيانه، ولا للنجوم الزهر اقترانه. وحظ [٣] من النثر، غريب المباني، شعري الألفاظ والمعاني.

وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة، وبرع [٤] أدبه، وجاد شعره، وعلا شأنه، وانطلق لسانه.

ثم انتقل من قرطبة إلى المعتمد بن عبّاد صاحب إشبيلية سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فجعله من خواصه، يجالسه في خلواته، ويركن إلى إشاراته، وكان معه في صورة وزير، وذكر له شيئا كثيرا من الرسائل والنظم فمن ذلك قوله:

بيني وبينك ما لو شئت لم يضع ... سرّ إذا ذاعت الأسرار لم يذع

يا بائعا حظّه مني ولو بذلت ... لي الحياة بحظي منه لم أبع

يكفيك أنّك إن حمّلت قلبي ما ... لا تستطيع قلوب الناس يستطع

ته أحتمل واستطل أصبر وعزّ أهن ... وولّ أقبل وقل أسمع ومر أطع


[١] انظر المجلد الأول من القسم الأول ص (٣٣٦- ٤٣٣) .
[٢] في «الذخيرة» : «صاحب» وعلق محقّقه الأستاذ الدكتور إسحان عبّاس بقوله: في «ب س» :
«غاية» .
[٣] في «آ» و «ط» : «وخط» والتصحيح من «الذخيرة» .
[٤] في «الذخيرة» : «وفرّع» .

<<  <  ج: ص:  >  >>