اللّحم لمّا نهب التّركمان تلك الناحية، وبقي يأكل السمك، فحكي له أن بعض الأمراء أكل على حافة النهر الذي يصاد منه السمك ونفض في النهر ما فضل، فلم يأكل السمك بعد ذلك.
ومن شعره:
كان في الاجتماع من قبل نور ... فمضى النّور وادلهمّ الظّلام
وفيها أبو الحسن الباخرزي، الرئيس الأديب، علي بن الحسن بن أبي الطيب، مؤلف كتاب «دمية القصر»[١] كان رأسا في الكتابة، والإنشاء، والعشر، والفضل، والحائز القصب في نظمه ونثره، وكان في شبابه مشتغلا بالفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، واختصّ بملازمة درس أبي محمد الجويني، ثم شرع في فنّ الكتابة، واختلف إلى ديوان الرسائل، فارتفعت به الأحوال وانخفضت، ورأى من الدهر العجائب سفرا وحضرا، وغلب أدبه على فقهه، فاشتهر بالأدب وعمل الشعر، وسمع الحديث، وصنّف كتاب «دمية القصر وعصرة أهل العصر» وهو ذيل «يتيمة الدّهر» للثعالبي، وجمع فيها خلقا كثيرا.
وقد وضع على هذا الكتاب أبو الحسن علي بن زيد كتابا سمّاه «وشاح الدّمية» وهو كالذيل لها، وكالذي سمّاه السمعاني «الذيل» .
وللباخرزي ديوان شعر مجلد كبير، والغالب عليه الجودة، فمن معانيه الغريبة قوله:
وإني لأشكو لسع أصداغك التي ... عقاربها في وجنتيك تحوم
[١] واسمه الكامل «دمية القصر وعصرة أهل العصر» كما سيذكره المؤلف بعد قليل، وقد طبع عدة مرات ولأبي سعد بن علي الخطيري المعروف ب (دلّال الكتب) ذيل عليه سماه «زينة الدّهر» .