للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد النّهروان [١] وكانوا ستة آلاف مقاتل، وقيل: ثمانية آلاف، أتاهم عليّ وخطبهم، ووعظهم، فرجعوا معه إلى الكوفة، وأشاعوا أن عليا تاب من التحكيم، فأتاه الأشعث بن قيس فقال له: إن النّاس قائلون: إنك رأيت الحكومة ضلالا، وتبت منها، فقام في النّاس فخطبهم [٢] وقال: من زعم أن الحكومة ضلال فقد كذب، فثارت الخوارج وخرجوا من المسجد، فقيل له: إنهم خارجون عليك، فقال: ما أقاتلهم حتى يقاتلوني، وسيفعلون، فبعث إليهم ابن عبّاس رضي الله عنهما يناظرهم، فاحتج عليهم ابن عباس بالتحكيم في إتلاف المحرم الصيد، والتحكيم بين الزوجين، وبأن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمسك عن قتال الهدنة يوم الحديبية، فصدّقوه في ذلك كلّه، وقالوا له: إن عليا محا نفسه من الخلافة بالتحكيم، فقال لهم ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم محا اسم الرسالة يوم الحديبية فلم يزلها ذلك عنه، فرجع منهم ألفان، وبقي أربعة أو ستة آلاف أصرّوا، وبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي، فخرج بهم إلى النّهروان [٣] فسار إليهم عليّ، وأوقع بهم، وقتل منهم ألفين وثمانمائة. منهم ذو الثّديّة [٤] علامة الفرقة المارقة، ثم كلمهم أيضا، فأصرّوا وقالوا: إن عدت إلى جهاد العدوّ سرنا بين يديك، وإن بقيت على التحكيم قاتلناك، ثم قال لهم: أيّكم قاتل عبد الله بن خبّاب، فقالوا: كلّنا قتله، وكانوا


[١] النهروان: كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدّها الأعلى متصل ببغداد، وفيها عدة بلاد متوسطة، منها: إسكاف، وجرجرايا، والصافية، ودير قنى، وغير ذلك، وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد خرج منها جماعة من أهل العلم والأدب. انظر «معجم البلدان» لياقوت (٥/ ٣٢٤- ٣٢٧) .
[٢] لفظة «فخطبهم» سقطت من المطبوع.
[٣] تقدم التعريف بها قبل قليل.
[٤] لا يعرف اسمه، والظاهر أنه لقب بهذا اللقب لأن إحدى ثدييه كانت مثل ثدي المرأة، عليها شعيرات مثل الذي على ذنب اليربوع. انظر خبره في «الإصابة» لابن حجر (٣/ ٢١٢- ٢١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>