للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هزّ عطفيها الشباب كما ... ماس غصن البان في شجره

ذات فرع فوق ملتمع ... كدجى أبدى سنا قمره

خصرها يشكو روادفها ... كاشتكاء الصبّ من سهره

نصبت قلبي لها غرضا ... فهو مصمى بمعتوره

والآخر:

أبو منصور هبة الله. ولد في ذي الحجة، سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وحفظ القرآن، وتفقه، وظهر منه أشياء تدل على عقل غزير ودين عظيم. ثم مرض وطال مرضه، وأنفق عليه أبوه مالا في المرض وبالغ.

قال أبو الوفاء: قال لي ابني لما تقارب أجله: يا سيدي قد أنفقت وبالغت في الأدوية، والطب والأدعية [١] ، ولله تعالى في اختيار، فدعني مع اختياره. قال: فو الله ما أنطق الله سبحانه وتعالى ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول إسحاق لإبراهيم [٢] : افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ٣٧: ١٠٢ [الصافات: ١٠٣] إلّا وقد اختاره للحظوة.


[١] قوله: «والطب والأدعية» سقط من «آ» .
[٢] قلت: اختلف العلماء في الذّبيح على قولين. أحدهما أنه إسماعيل، والآخر أنه إسحاق، عليهما السلام، والأول هو الصحيح.
قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ١٤) : قال تعالى: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ٣٧: ١٠١ وهذا الغلام هو إسماعيل عليه السّلام، فإنه أول ولد بشّر به إبراهيم عليه السلام، وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، بل في نص كتابهم أن إسماعيل عليه السلام ولد ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة. وولد إسحاق وعمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة. وعندهم أن الله تبارك وتعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده، وفي نسخة أخرى بكره، فأقحموا ها هنا كذبا وبهتانا إسحاق ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم، وإنما أقحموا إسحاق لأنه أبوهم وإسماعيل أبو العرب، فحسدوهم، فزادوا ذلك وحرّفوا وحيدك بمعنى الذي ليس عندك غيره، فإن إسماعيل كان [إبراهيم قد] ذهب به وبأمه إلى مكة، وهو تأويل وتحريف باطل، فإنه لا يقال وحيدك إلا لمن ليس له غيره، وأيضا فإن أول ولد ولد له بعزّه ما ليس لمن بعده من الأولاد، فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>