للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توفي- رحمه الله تعالى- سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وله نحو أربع عشرة سنة.

وحمل أبو الوفاء- رحمه الله تعالى- في نفسه من شدة الألم أمرا عظيما، ولكنه تصبّر ولم يظهر جزعا، وكان يقول: لولا أن القلوب توقن باجتماع ثان لانفطرت المرائر لفراق المحبوبين. انتهى ملخصا أيضا.

وفيها قاضي القضاة، أبو الحسن الدّامغاني [١] ، علي بن قاضي القضاة أبي عبد الله الحنفي، ولي القضاء بضعا وعشرين سنة، وكان ذا حزم، ورأي، وسؤدد، وهيبة وافرة، وديانة ظاهرة. روى عن أبي محمد الصريفيني وجماعة، وتفقّه على والده، وتوفي في المحرم، عن أربع وستين سنة.

وفيها أبو سعد المخرّمي، المبارك بن علي بن الحسن بن بندار البغدادي [٢] . الفقيه الحنبلي. روى عن القاضي أبي يعلى، وابن المهتدي، وابن المسلمة، والصّريفيني، وابن النّقور، وغيرهم. وسمع من القاضي أبي وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضا، وليس ذلك في كتاب ولا سنّة، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أخبار أهل الكتاب، وأخذ ذلك مسلّما من غير حجة، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بغلام حليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا من الصَّالِحِينَ ٣٧: ١١٢ ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا:

إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ١٥: ٥٣. انتهى كلام ابن كثير.

أقول: وقال الإمام ابن قيم الجوزية في «زاد المعاد» (١/ ٧١) طبع مؤسسة الرسالة:

وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول:

هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده. (ع) .


[١] انظر «العبر» (٤/ ٣٠) .
[٢] انظر «العبر» (٤/ ٣١) و «ذيل طبقات الحنابلة» (١/ ١٦٦- ١٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>