للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكث زمانا فلم يفتح الله عليه بشيء من ذلك، فقام وهو خجلان، وكان في جملة من أنكر دعواه في عملها أبو القاسم علي بن أفلح الشاعر، فلما لم يعمل الحريري الرسالة التي اقترحها الوزير أنشد ابن أفلح:

شيخ لنا من ربيعة الفرس ... ينتف عثنونه من الهوس

أنطقه الله بالمشان كما ... رماه وسط الديوان بالخرس

وكان الحريري يزعم أنه من ربيعة الفرس، وكان مولعا بنتف لحيته عند الفكرة، وكان يسكن في مشان البصرة، فلما رجع إلى بلده عمل عشر مقامات أخر وسيّرها [١] ، واعتذر من عيه وحصره بالديوان، مما لحقه من المهابة.

وللحريري تآليف حسان، منها: «درة الغواص في أوهام الخواص» ومنها «ملحة الإعراب» وشرحها، وله ديوان رسائل، وشعر كثير، غير شعره الذي في «المقامات» فمن ذلك قوله وهو معنى حسن:

قال العواذل ما هذا الغرام به ... أما ترى الشّعر في خدّيه قد نبتا

فقلت والله لو أن المفنّد لي ... تأمّل الرشد في عينيه ما ثبتا

ومن أقام بأرض وهي مجدبة ... فكيف يرحل عنها والرّبيع أتى

وذكر له العماد الكاتب في «الخريدة» :

كم ظباء بحاجر ... فتنت بالمحاجر

ونفوس نفائس ... خدرت بالمخادر

وتثنّ لخاطر ... هاج وجدا لخاطري

وعذار لأجله ... عاذلي فيه [٢] عاذري


[١] في «وفيات الأعيان» : «وسيرهن» .
[٢] في «وفيات الأعيان» : «عاد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>