للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشكل، شديد البطش، شجاع النفس، حسن السيرة، جوادا كريما، شاعرا فصيحا، لم تطل دولته. خرج من بغداد إلى الجزيرة وأذربيجان، فخلعوه لذنوب ملفّقة، فدخل مراغة وعسكر فيها، وسار إلى أصبهان ومعه السلطان داود بن محمود، فحاصرها وتمرّض هناك، فوثبت عليه جماعة من الباطنية فقتلوه وقتلوا، وقيل: قتلوه صائما يوم سادس عشري رمضان، وله ثلاثون سنة. وخلّف نيفا وعشرين ابنا. وقد غزا أهل همذان وعبرها في أيام عزله، وظلم وعسف وقتل كغيره. قاله في «العبر» [١] .

وفيها أبو شروان بن خالد الوزير أبو نصر القاشاني [٢] ، وزر للمسترشد والسلطان محمود، وكان من عقلاء الرجال ودهاتهم، وفيه دين وحلم وجود، مع تشيّع قليل.

وكان محبا للعلماء موصوفا بالجود والكرم، أرسل إليه القاضي الأرجاني يطلب منه خيمة، فلم يكن عنده، فجهز له خمسمائة دينار، وقال:

اشتر بهذه خيمة، فقال:

لله درّ ابن خالد رجلا ... أحيا لنا الجود بعد ما ذهبا

سألته خيمة ألوذ بها ... فجاد لي ملء خيمة ذهبا

وكان هو السبب في عمل «مقامات الحريري» وإيّاه عنى الحريريّ في أول «مقاماته» [٣] بقوله: فأشار عليّ من إشارته حكم وطاعته غنم.

وفيها القاضي الأعز محمد بن هبة الله بن خلف التميمي، ولي بانياس، وكان ذا كرم ومروءة، ومات بدمشق، وهو الذي يكثر هجوه ابن منير الشاعر، من ذلك قوله من قصيدة:


[١] (٤/ ٨٩- ٩٠) .
[٢] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الغاسّاني» والتصحيح من «العبر» (٤/ ٩٠) وتحرفت «أنوشروان» فيه وفي طبعة بيروت منه إلى «نوشروان» . فتصحح وانظر «النجوم الزاهرة» (٥/ ٢٦١) .
[٣] انظر «مقامات الحريري» ص (٤) طبعة البابي الحلبي، ولفظة «عليّ» لم ترد فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>