للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائع، فآخذ هذا الذهب فأنتفع به، وأرد عليه الكيس، فقلت له: تعال [إليّ] [١] ، وجئت به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس، وعلامة الشرابة، وعلامة اللؤلؤ، وعدده، والخيط الذي هو مشدود به، فأخرجته ودفعته إليه.

فسلّم إليّ خمسمائة دينار، فما أخذتها، وقلت: يجب أن أعيده إليك ولا آخذ له جزاء، فقال لي: لا بد أن تأخذ، وألح عليّ كثيرا، فلم أقبل، فتركني ومضى، وخرجت من مكّة وركبت البحر، فانكسر المركب وغرق الناس وهلكت أموالهم، وسلمت أنا على قطعة من المركب، فبقيت مدّة في البحر لا أدري أين أذهب، فوصلت إلى جزيرة فيها قوم، فقعدت في بعض المساجد، فسمعوني أقرأ، فلم يبق أحد إلّا جاءني [٢] وقال: علمني القرآن، فحصل لي منهم شيء كثير من المال. ثم رأيت [في ذلك المسجد] [٣] أوراقا من مصحف، فأخذتها، فقالوا: تحسن تكتب؟ فقلت: نعم، فقالوا: علمنا الخطّ، وجاءوا بأولادهم من الصبيان والشباب، وكنت أعلمهم، فحصل لي أيضا من ذلك شيء كثير، فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة ولها شيء من الدنيا نريد أن تتزوج بها، فامتنعت، فقالوا: لا بد، والزموني، فأجبتهم فلما زفوها مددت عيني أنظر إليها فوجدت ذلك العقد بعينه معلقا في عنقها، فما كان لي حينئذ شغل إلّا النظر إليه، فقالوا: يا شيخ كسرت قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد، ولم تنظر إليها، فقصصت عليهم قصة العقد، فصاحوا بالتهليل والتكبير، حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة، فقلت:

ما بكم؟ فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية، وكان يقول: ما وجدت في الدنيا مسلما كهذا الذي ردّ عليّ هذا العقد، وكان يدعو


[١] مستدركة من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٢] في «ذيل طبقات الحنابلة» : «جاء إليّ» .
[٣] ما بين حاصرتين زيادة من «ذيل طبقات الحنابلة» (١/ ١٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>