التخاريج، لعله ما بقي جزء مروي إلّا وقد قرأه، وكان متفرغا للتحديث إما أن يقرأ عليه، أو ينسخ [شيئا] .
وذكره تلميذه ابن الجوزي في عدة مواضع من كتبه، كمشيخته، و «طبقات الأصحاب المختصرة» و «التاريخ» و «صفة الصفوة» و «صيد الخاطر» وأثنى عليه كثيرا، وقال: كان ثقة ثبتا ذا دين وورع، وكنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وكان على طريقة السلف، وانتفعت به ما لم أنتفع بغيره، ودخلت عليه في مرضه وقد بلي وذهب لحمه، فقال: إن الله- عزّ وجلّ- لا يتّهم في قضائه. وما رأينا في مشايخ الحديث أكثر سماعا منه، ولا أكثر كتابة للحديث منه، مع المعرفة به، ولا أصبر على الإقراء، ولا أكثر دمعة وبكاء، مع دوام البشر وحسن اللقاء، وكان لا يغتاب أحدا ولا يغتاب عنده أحد. وكان سهلا في إعارة الأجزاء، لا يتوقف.
توفي- رحمه الله- يوم الخميس حادي عشر المحرم، ودفن من الغد بالشونيزية وهي مقبرة أبي القاسم الجنيد، غربي بغداد.
وفيها علي بن طراد، الوزير الكبير، أبو القاسم الزّينبي العبّاسي، وزير المسترشد والمقتفي. سمع من عمه أبي نصر الزّينبي، وأبي القاسم بن البسري، وكان صدرا مهيبا نبيلا، كامل السؤدد، بعيد الغور، دقيق النظر، ذا رأي ودهاء وإقدام، نهض بأعباء بيعة المقتفي وخلع الراشد في نهار واحد، وكان الناس يتعجبون من ذلك، ولما تغيّر عليه المقتفي وهمّ بالقبض عليه، احتمى منه بدار السلطان مسعود، ثم خلّص ولزم داره، واشتغل بالعبادة والخير، إلى أن مات في رمضان، وكان يضرب المثل بحسنه في صباه.
وفيها محمد بن الخضر بن أبي المهزول المعروف بالسّابق [١] من
[١] انظر «الوافي بالوفيات» (٣/ ٣٩- ٤١) و «فوات الوفيات» (٣/ ٣٤٧- ٣٤٩) .