للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قد سافر إلى مكّة- حرسها الله تعالى- وجاور بها زمانا، فصار يقال له «جار الله» لذلك، فكان هذا الاسم علما عليه. وسمعت من بعض المشايخ أن إحدى رجليه كانت ساقطة [١] و [أنّه] كان يمشي في جاون خشب، وكان سبب سقوطها أنه في بعض أسفاره في بلاد خوارزم أصابه ثلج كثير وبرد شديد في الطريق فسقطت منه رجله، وأنه كان بيده محضر فيه شهادة خلق كثير ممن اطلعوا على حقيقة ذلك، خوفا من أن يظن من لم [٢] يعلم الحال أنها قطعت لريبة.

ورأيت في تاريخ [بعض] المتأخرين، أن الزّمخشري لما دخل بغداد واجتمع بالفقيه الحنفي الدامغاني سأله عن [سبب] قطع رجله، فقال: دعاء الوالدة، وذلك أنني في صباي أمسكت عصفورا وربطته بخيط في رجله، وأفلت من يدي، فأدركته وقد دخل في خرق، فجذبته فانقطعت رجله في الخيط، فقالت والدتي: قطع الله رجل الأبعد كما قطعت رجله، فلما وصلت إلى سنّ الطلب رحلت [٣] إلى بخارى لطلب العلم، فسقطت عن الدابة فانكسرت رجلي، وعملت عليّ عملا [٤] أوجب قطعها.

وكان الزّمخشري المذكور معتزلي الاعتقاد متظاهرا به، حتّى نقل عنه أنه كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه في الدخول يقول لمن يأخذ له الإذن: قل له أبو القاسم المعتزلي بالباب. وأول ما صنّف كتاب «الكشّاف» استفتح الخطبة بقوله: «الحمد لله الذي خلق القرآن» فيقال: إنه قيل متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ولا يرغب أحد فيه، فغيّره بقوله:


[١] في «آ» و «ط» : «سقطت» وما أثبته من «وفيات الأعيان» وما بين حاصرتين مستدرك منه.
[٢] لفظة «لم» سقطت من «ط» .
[٣] في «آ» و «ط» «دخلت» وما أثبتناه من «وفيات الأعيان» .
[٤] في «آ» و «ط» : «عمل» وما أثبتناه من «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>