للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحوالها، كامل الفضائل، متضلعا من الأدب، صنّف فيه عدة تصانيف، فمن ذلك كتاب «الأمالي» وهو أكبر تآليفه وأكثرها إفادة، أملاه في أربعة وثمانين مجلسا، وهو يشتمل على فوائد جمّة من فنون الأدب، وختمه بمجلس قصره على أبيات من شعر المتنبي، تكلّم عليها، وذكر ما قاله الشرّاح فيها، وزاد من عنده ما سنح له، وهو من الكتب الممتعة، ولما فرغ من إملائه حضر إليه أبو محمد بن الخشّاب، والتمس منه سماعه عليه، فلم يجبه إلى ذلك، فعاداه وردّ عليه في مواضع من الكتاب، ونسبه فيها إلى الخطأ، فوقف أبو السعادات على ذلك الردّ، فردّ عليه في ردّه وبيّن وجوه غلطه وجمعه كتابا سماه «الانتصار» وهو على صغر حجمه مفيد جدا، وسمعه عليه الناس، وجمع أيضا كتابا سماه «الحماسة» ضاهى به «حماسة أبي تمام» وهو كتاب غريب أحسن فيه، وله في النحو عدة تصانيف، وله «ما اتفق لفظه واختلف معناه» ، وشرح «اللمع» لابن جنّي وشرح «التصريف المملوكي» .

وكان حسن الكلام، حلو الألفاظ، فصيحا، جيد البيان والتفهيم، وقرأ الحديث بنفسه على جماعة، منهم ابن المبارك الصيرفي، وابن نبهان الكاتب، وغيرهما.

وحكى أبو البركات عبد الرحمن بن الأنباري في كتاب «مناقب الأدباء» أنّ العلّامة الزّمخشري لما قدم بغداد قاصدا للحج، مضى إلى زيارته [١] شيخنا أبو السعادات بن الشّجري ومضينا إليه معه، فلما اجتمع به أنشده قول المتنبي [٢] :

وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغّر الخبر الخبر

ثم أنشده بعد ذلك:


[١] تحرفت في «وفيات الأعيان» إلى «زيارة» فتصحح فيه.
[٢] انظر «ديوانه» بشرح العكبري (٢/ ١٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>