للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفوطة، ويلويها تحت حنكه، وعليه جبّة صوف، وهو مخضوب بالحناء، فيطوف بأسواق بغداد ويعظ الناس، وزمام جمله بيد [أبي المظفّر] بن هبيرة، وهو أيضا معتم بفوطة من قطن، قد لواها تحت حنكه، وعليه قميص قطن خام، قصير الكم والذيل، وكلما وصل الزّبيدي موضعا أشار ابن هبيرة بمسبحته، ونادى برفيع صوته: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

وقال ابن الجوزي: كانت له معرفة حسنة بالنحو، واللغة، والعروض، وصنّف في تلك العلوم، وكان شديدا في اتباع السّنّة وسير السلف.

وقال ابن رجب: صنّف الوزير أبو المظفّر كتاب «الإفصاح عن معاني الصحاح» في عدة مجلدات، وهو شرح «صحيحي» البخاري ومسلم، ولما بلغ فيه إلى حديث: «من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدّين» [١] شرح الحديث، وتكلّم على معنى الفقه، وآل به الكلام إلى ذكر [٢] مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين، وقد أفرده الناس من الكتاب وجعلوه بمفرده مجلدة وسموه بكتاب «الإفصاح» وهو قطعة منه، وهذا الكتاب صنّفه في ولايته الوزارة، واعتنى به، وجمع عليه أئمة المذاهب، وأوفدهم من البلدان إليه لأجله، بحيث أنفق على ذلك مائة ألف دينار، وثلاثة عشر ألف دينار، وحدّث به، واجتمع الخلق العظيم لسماعه عليه.


[١] قطعة من حديث رواه البخاري رقم (٧١) في العلم: باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدّين، و (٣١١٦) في فرض الخمس: باب قول الله تعالى: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ٨: ٤١ [الأنفال: ٤١] و (٧٣١٢) في الاعتصام: باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق وهم أهل العلم» ومسلم رقم (١٠٣٧) (٢/ ٧١٨) في الزكاة: باب النهي عن المسألة. و (١٠٣٧) (١٧٥) (٣/ ١٥٢٤) باب قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم» من حديث معاوية رضي الله عنه.
[٢] في «آ» : «إلى أن ذكر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>