للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتغل به الفقهاء في ذلك الزمان على اختلاف مذاهبهم.

واستدعاه المقتفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة إلى داره، وقلّده الوزارة، وخلع عليه، وخرج في أبهة عظيمة، ومشى أرباب الدولة وأصحاب المناصب كلهم [١] بين يديه، وهو راكب. وحضر القراء والشعراء، وكان يوما مشهودا. وقرئ عهده، وخوطب فيه بالوزير العالم العادل عون الدّين جلال الإسلام صفي الإمام، شرف الأنام، معزّ الدولة، مجير الملّة، عماد الأمة مصطفى الخلافة، تاج الملوك والسلاطين، صدر الشرق والغرب، سيد الوزراء.

وقال يوما: لا تقولوا في ألقابي سيد الوزراء، فإن الله تعالى سمّى هارون وزيرا، وجاء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم «أنّ وزيريه من أهل السّماء جبريل وميكائيل، ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر» [٢] .

وقال مرّة في وزارته: والله لقد كنت أسأل الله الدنيا لأخدم بما يرزقنيه منها العلم وأهله.

وكان سبب هذا أنه ذكر في مجلسه مفردات الإمام أحمد، التي تفرّد


[١] لفظة «كلهم» سقطت من «ط» .
[٢] أقول: وذلك فيما رواه الترمذي رقم (٣٦٨٠) في المناقب: باب رقم (١٧) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وإسناده ضعيف وذكره أيضا أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٨/ ١٦٠) والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (٣/ ٢٩٨) والهيثمي في «مجمع الزوائد» .
(٩/ ٥١) من حديث عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما بلفظ: «إن الله عزّ وجل أيدني بأربعة وزراء نقباء» قلنا يا رسول الله من هؤلاء الأربع؟ قال: «اثنين من أهل السماء واثنين من أهل الأرض» فقلت: من الاثنين من أهل السماء؟ قال: «جبريل وميكائيل» قلنا من الاثنين من أهل الأرض؟ قال: «أبو بكر وعمر» وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه محمد بن محبب الثقفي وهو كذاب، ورواه البزار بمعناه، وفيه عبد الرحمن بن مالك بن مغول وهو كذاب، ومع ذلك فقد قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهذا من تساهله، رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>