للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أجحد الحقّ عندي للركاب يد ... تمنّت اللّجم فيها رتبة الخطم

قرّبن بعد مزار العزّ من نظري ... حتّى رأيت إمام العصر من أمم

ورحن [١] من كعبة البطحاء مجتهدا [٢] ... وفدا إلى كعبة المعروف والكرم

حيث الخلافة مضروب سرادقها ... بين النقيضين من عفو ومن نقم

فاستحسنا قصيدته وأجزلا صلته، وأقام إلى شوال من سنة خمسين في أرغد عيش وأعزّ جانب، ثم فارق مصر وتوجه إلى مكّة- حرسها الله تعالى- ثم إلى زبيد في صفر سنة إحدى وخمسين، ثم حجّ من عامه، فأرسله قاسم صاحب مكة إلى مصر في رسالة ثانية، فاستوطنها ولم يفارقها بعد، فأحسن إليه الصالح ومن يتعلق به كل الإحسان، وصحبوه مع اختلاف العقيدة وشدة التعصب للسّنّة، ولما لطف الله بإزالة ملك الدولة، كان عمارة مقيما بها، فرثاهم بقصيدة لامية طنّانة، ثم شرع في الاتفاق مع جماعة من رؤساء البلد على إعادة الدولة المصرية، فعلم بهم السلطان، وكانوا ثمانية من الأعيان، ومن جملتهم الفقيه عمارة المذكور، فأمر بشنق الجميع، فشنقوا في يوم السبت ثاني شهر رمضان، وكفى الله شرّهم.

ولما قبض على المذكور وأخذ للشنق تحيّل على المرور على باب القاضي الفاضل، فغيّب عنه، وامتنع من رؤيته، فأنشد:

عبد الرحيم قد احتجب ... إن الخلاص من العجب

وكان ذلك آخر شيء نظمه. انتهى ما ذكره الإسنويّ.

وقيل: إنه صلب منكسا، وأنه أنشد في هذه الحالة:

وما تعلّقت بالسرياق منتكسا ... لعلة أوجبت تعذيب ناسوتي


[١] في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «وأرحن» .
[٢] كذا في «آ» و «ط» و «طبقات الشافعية» للإسنوي: «مجتهدا» وفي «وفيات الأعيان» :
«والحرم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>