للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغضب لذلك، وقال: إذا علمت أنه كذلك فلم قتلته؟ والله لألحقنك به، وضرب عنقه، وقيل: إن يزيد هو الذي قتل القائل.

ولما تم قتله [١] حمل رأسه، وحرم بيته، وزين العابدين معهم إلى دمشق كالسبايا، قاتل الله فاعل ذلك وأخزاه، ومن أمر به، أو رضيه.

قيل: قال لهم عند ذلك بعض الحاضرين: ويلكم إن لم تكونوا أتقياء في دينكم، فكونوا أحرارا في دنياكم [٢] .

والصحيح أن الرأس المكرّم دفن بالبقيع إلى جنب أمه فاطمة، وذلك أن يزيد بعث به إلى عامله بالمدينة عمرو بن سعيد الأشدق، فكفّنه ودفنه [٣] .

والعلماء مجمعون على تصويب قتال عليّ لمخالفيه لأنه الإمام الحق،


[١] أي قتل الحسين بن علي رضي الله عنه وأرضاه.
[٢] أقول: لا شك أن قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما وأهل بيته في كربلاء كان كارثة عظيمة يتفطر لها قلب كل مسلم ويحزنه قتله رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا، ولكن لا يجوز ما يفعله بعض الناس في يوم عاشوراء من ضرب لأنفسهم، وبكاء وصراخ، واتخاذ ذلك اليوم مأتما، لأنه قتل فيه الحسين رضي الله عنه، وقد كان أبوه أفضل منه وقد قتل يوم الجمعة (١٧) رمضان وهو خارج إلى صلاة الفجر، ولم يتخذوا يوم قتله مأتما.
وعثمان بن عفان رضي الله عنه قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من ذي الحجة ولم يتخذوا يوم قتله مأتما، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر، ولم يتخذوا ذلك اليوم مأتما، ولم يتخذوا يوم وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه مأتما، كما لم يتخذوا يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة مأتما، كما لا يجوز ما يفعله بعض الناس في يوم عاشوراء، من الاختضاب والاغتسال والاكتحال والتطيب، وزيادة المأكولات، فإن ذلك من البدع التي ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه، وإن كان بعض الناس يستشهدون بحديث «من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر سنته» فإن أسانيده كلها ضعيفة، ولم يثبت في يوم عاشوراء إلا فضيلة صيامه، وذلك لأن الله تعالى نجى فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وجنده وقد صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه (ع) .
[٣] قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (٨/ ٢٠٤) : وأما رأس الحسين رضي الله عنه،

<<  <  ج: ص:  >  >>