الجلوس، وادعى الرجل، فرفع السلطان رأسه وقال: لمن تعرفون سنقر؟
قالوا: نشهد أنه مملوكك مات على رقّك، ولم يكن للرجل بيّنة فأسقط في يده، ثم إن السلطان وهب له خلعة ونفقة وبغلة.
وما شتم أحدا قطّ، ولا كتب بيده ما فيه أذى مسلم، وكان الحجّاب يزدحمون على طرّاحته، فجاء سنقر الخلاطي وقدّم له رقعة [١] يعلّم عليها، وكان السلطان قد مدّ يده اليمنى على الأرض ليستريح، فداس عليها سنقر ولم يعلم، وقال له: علّم لي على هذه القصة، وكرر القول، والسلطان لا يرد عليه، فقال له السلطان: أعلّم بيدي أو برجلي؟ فنظر سنقر فرأى يد السلطان تحت رجله، فخجل، وتعجب الحاضرون من حلمه.
وأول ما فتح الدّيار المصرية، والحجاز، ومكّة، والمدينة، واليمن من زبيد إلى حضرموت، متصلا بالهند، ومن الشام: دمشق، وبعلبك، وحمص، وبانياس، وحلب، وحماة. ومن الساحل: بلاد القدس، وغزة، وتل الصافية، وعسقلان، ويافا، وقيسارية، وحيفا، وعكا، وطبرية، والشّقيف، وصفد، وكوكب، والكرك، والشّوبك، وصيدا، وبيروت، وجبلة، واللّاذقية، والشّغر، وصهيون، وبلاطنس، ومن الشرق حرّان، والرّها، والرّقّة، ورأس عين، وسنجار، ونصيبين، وسروج، وديار بكر، وميّافارقين، وآمد، وحصونها، وشهرزور، ويقال: إنه فتح ستين حصنا، وزاد على نور الدّين بمصر، والمغرب، والحجاز، واليمن، والقدس، والساحل، وبلاد الفرنج، وديار بكر، ولو عاش لفتح الدّنيا شرقا وغربا، وبعدا وقربا، ولم يبلغ ستين سنة، وكذا نور الدّين، وكان له ستة عشر ولدا ذكرا وبنت واحدة، وأكبرهم الأفضل علي، وابنته مؤنسة خاتون، تزوّج بها الكامل بن العادل، وبنى الملك الأفضل قبة شمالي الجامع الأموي في جواره شباك إلى الجامع ونقله