للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: أغتنم أيامي، وكان لا يسمع بجنازة إلّا حضرها، ولا مريض إلّا عاده، ولا بجهاد إلّا خرج فيه، وكان يقرأ في الصلاة كل ليلة سبعا مرتّلا، ويقرأ في النهار سبعا بين الظهر والعصر، وكان يقرئ [١] ويلقن إلى ارتفاع النهار، ثم يصلي الضحى طويلة، وكان يصلي كل ليلة جمعة بين العشاءين صلاة التسبيح [ويطيلها] [٢] ، ويصلي يوم الجمعة ركعتين بمائة قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ١١٢: ١ [٣] . وكان يصلي في كل يوم وليلة اثنتين وسبعين ركعة نافلة، وله أوراد كثيرة. وكان يزور القبور كل جمعة بعد العصر، ولا ينام إلّا على وضوء، ويحافظ على سنن وأذكار عند نومه.

وكان لا يترك غسل الجمعة، ولا يخرج إلى الجمعة إلّا ومعه شيء يتصدق به. وكان يؤثر بما عنده لأقاربه وغيرهم، ويتصدق كثيرا ببعض ثيابه، حتى يبقى في الشتاء بجبة بغير قميص. وكانت عمامته قطعة بطانة، فإذا احتاج أحد إلى خرقة أو مات صغير، قطع منها. وكان يلبس الخشن وينام على الحصير. وكان ثوبه إلى نصف ساقه، وكمّه إلى رسغه.

ومكث مدة لا يأكل أهل الدّير إلّا من بيته. يجمع الرجال ناحية، والنساء ناحية، وكان إذا جاء شيء إلى بيته فرّقه على الخاص والعام.

وكان يقول: لا علم إلّا ما دخل مع صاحبه القبر.

ويقول: إذا لم تتصدقوا لا يتصدق أحد عنكم، وإذا لم تعطوا السائل أنتم أعطاه غيركم.

وكان إذا خطب ترقّ القلوب وتبكي النّاس بكاء كثيرا. وكانت له هيبة عظيمة في القلوب. واحتاج الناس إلى المطر سنة، فطلع إلى مغارة الدّم [٤] ومعه


[١] كذا في «آ» و «ط» و «المنتخب» : «يقرئ» وفي «ذيل طبقات الحنابلة» : «يقرأ» .
[٢] زيادة من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٣] أقول: هذه الصلاة بهذه الكيفية لم ترد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. (ع) .
[٤] حول مغارة الدّم راجع كتاب «حدائق الإنعام في فضائل الشام» ص (٩٦) بتحقيق الأستاذ يوسف بديوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>