للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نساء من محارمه، واستسقى ودعا، فجاء المطر حينئذ، وجرت الأودية شيئا لم يره الناس من مدة طويلة [١] .

وقال عبد الله بن النحاس: كان والدي يحب الشيخ أبا عمر، فقال لي يوم جمعة: أنا أصلي الجمعة خلف الشيخ، ومذهبي أن بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١: ١ من الفاتحة، ومذهبه أنها ليست من الفاتحة، فمضينا إلى المسجد، فوجدنا الشيخ، فسلّم على والدي وعانقه، وقال: يا أخي صلّ وأنت طيب القلب، فإنني ما تركت بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١: ١ في فريضة ولا نافلة مذ أممت بالناس. وله كرامات كثيرة، وقد أطال الضياء ترجمته، وكذلك سبط ابن الجوزي في «المرآة» [٢] وقال: كان معتدل القامة، حسن الوجه، عليه أنوار العبادة، لا يزال متبسما، نحيل الجسم من كثرة الصيام والقيام.

وكان يحمل الشّيخ من الجبل إلى بيوت الأرامل واليتامى، ويحمل إليهم في الليل الدراهم والدقيق ولا يعرفونه. ولا نهر أحدا [٣] ولا أوجع قلب أحد. وكان أخوه الموفق يقول: هو شيخنا، ربّانا وأحسن إلينا، وعلّمنا وحرص علينا، وكان للجماعة كالوالد يقوم بمصالحهم، ومن غاب منهم خلفه في أهله، وهو الذي هاجر بنا وسفّرنا إلى بغداد، وبنى الدّير. ولما رجعنا من بغداد زوّجنا وبنى لنا دورا خارجة عن الدّير وكفانا هموم الدّنيا. وكان يؤثرنا ويدع أهله محتاجين، وبنى المدرسة والمصنع بعلو همته، وكان مجاب الدعوة، وما كتب لأحد ورقة للحمّى إلّا وشفاه الله تعالى.

وذكر جماعة أن الشيخ قطب، [وأقام قطب الوقت] [٤] قبل موته بست سنين.


[١] لفظة «طويلة» لم ترد في «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٢] انظر «مرآة الزمان» (٨/ ٣٥٦- ٣٦١) .
[٣] في «مرآة الزمان» و «ذيل طبقات الحنابلة» : «وما نهر أحدا» وهو أجود.
[٤] زيادة من «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٥٨) لا يتم المعنى بدونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>