للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأظلت الناس إلى قبره. وكان يسمع منها دوىّ كدويّ النّحل، ولولا [المبارز المعتمد، والشجاع بن محارب، وشبل] الدولة [الحسامي] [١] أحاطوا به بالسيوف، لما وصل من كفنه إلى قبره شيء.

ولمّا دفن رأى بعض الصالحين في منامه تلك الليلة النّبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- وهو يقول: «من زار أبا عمر ليلة الجمعة، فكأنّما زار الكعبة، فاخلعوا نعالكم قبل أن تصلوا إليه» [٢] .

ومات عن ثمانين سنة، ولم يخلّف قليلا ولا كثيرا.

وذكر الضياء عن عبد المولى بن محمد، أنه كان يقرأ عند قبر الشيخ سورة البقرة، وكان وحده، فبلغ إلى قوله تعالى: لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ٢: ٦٨ [البقرة: ٦٨] ، قال: فغلطت، فردّ عليّ الشيخ من القبر. قال: فخفت وارتعدت وقمت، ثم مات القارئ بعد ذلك بأيام.

قال: وقرأ بعضهم عند قبره سورة الكهف، فسمعه من القبر يقول:

لا إله إلّا الله [٣] ، ورؤيت له منامات كثيرة، ودفن بسفح قاسيون إلى جانب والده، رحمهما الله تعالى.

وفيها محمد بن هبة الله بن كامل أبو الفرج [٤] الوكيل عند قضاة بغداد. أجاز له ابن الحصين، وسمع من أبي غالب بن البنّا وطائفة، وروى الكثير، وكان ماهرا في الحكومات. توفي في رجب.

وفيها المظفّر بن إبراهيم أبو منصور بن البرتي- بكسر الموحدة


[١] ما بين الحاصرتين زيادة من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٢] أقول: لا تؤخذ الأحاديث والأحكام من المنامات. (ع) .
[٣] قلت: هذا وما سبقه من مبالغات محبيه المغالين في الإطراء، هو مما نهى الشرع الحنيف عنه، ولو حصل لأحد لحصل لسيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولأصحابه المكرمين رضي الله عنهم أجمعين، ولكن لا يصح شيء من ذلك.
[٤] انظر «العبر (٥/ ٢٦) و «تاريخ الإسلام» (٦١/ ٢٦٠) و «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ١٠- ١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>