يجيء مني، وكان يكثر في دعائه من قول: اللهم اجعل عملنا صالحا واجعله لوجهك الكريم خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا.
اللهم خلّصني من مظالم نفسي، ومظالم كل شيء قبل الموت، ولا تمتني ولأحد عليّ مظلمة يطلبني بها بعد الموت. ولا بد من الموت فاجعله على توبة نصوح بعد الإخلاص من مظالم نفسي ومظالم العباد قتلا في سبيلك على سنتك وسنة رسولك، شهادة يغبطني بها الأولون والآخرون، واجعل النّقلة إلى روح وريحان [ومستراح] في جنّات النعيم، ولا تجعلها إلى نزل من حميم وتصلية جحيم.
قال الضياء: توفي- رحمه الله- ليلة الخميس وقت عشاء الآخرة، وكان صلى تلك الليلة المغرب بالجامع ثم مضى إلى البيت، وكان صائما فأفطر على شيء يسير، ولما جاءه الموت جعل يقول: يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث، واستقبل القبلة وتشهّد ومات.
وقال سبط ابن الجوزي: غسّل وقت السحر، وأخرجت جنازته إلى جامع دمشق، فما وسع الناس الجامع، وصلى عليه الموفق بحلقة الحنابلة بعد جهد جهيد، وكان يوما لم ير في الإسلام مثله. كان أول الناس عند مغارة الدّم ورأس الجبل إلى الكهف، وآخرهم بباب الفراديس. وما وصل إلى الجبل إلى آخر النهار. قال: وتأملت الناس من أعلى قاسيون إلى الكهف إلى قريب الميطور [١] ، لو رمى الإنسان عليهم إبرة لما ضاعت.
فلما كان في الليل نمت وأنا متفكر في جنازته، وذكرت أبيات سفيان الثوري التي أنشدها في المنام:
[١] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الميظور» وتحرفت في «ذيل طبقات الحنابلة» إلى «المنظور» والتصحيح من «غوطة دمشق» ص (١٨١) للعلّامة الأستاذ محمد كرد علي، طيّب الله ثراه، وقال فيه: الميطور: في أرض الصالحية آخر حدودها تحت نهر يزيد.