للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر أيامه، وتوفي في سلخ رمضان وله سبعون سنة إلّا أشهرا [١] . وولي بعده ولده الظاهر.

وقال ابن النجار: دانت السلاطين للناصر، ودخل تحت طاعته من كان من المخالفين، وذلّت له العتاة والطّغاة، وانقهرت لسيفه الجبابرة، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك ما لم يملكه أحد ممن تقدّمه. من السلاطين والخلفاء والملوك، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين، وكان أسد بني العبّاس تتصدع لهيبته الجبال، وكان حسن الخلق، لطيف الخلق، كامل الظرف، فصيح اللّسان، بليغ البيان، له التوقيعات المسددة والكلمات المؤيدة. كانت أيامه غرّة في وجه الدّهر، ودرّة في تاج الفخر.

وقال الموفق عبد اللطيف: أحيا هيبة الخلافة- وكانت قد ماتت بموت المعتصم- ثم ماتت بموته، وكان الملوك والأكابر بمصر والشام إذا جرى ذكره في خلواتهم خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالا.

وقال ابن واصل [٢] : كان مع ذلك رديء السيرة في الرعية، مائلا إلى الظّلم والعسف. وكان يفعل أفعالا متضادة. وكان يتشيّع ويميل إلى مذهب الإمامية، بخلاف آبائه، حتّى إن ابن الجوزي سئل بحضرته من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: أفضلهم بعده من كانت ابنته تحته، فكنّى بفضل الصّديق ولم يقدر أن يصرح.

وقال الذهبي: أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عنه، منهم ابن سكينة، وابن الأخضر، وابن النجار، وابن الدامغاني، وآخرون.

وقال سبط ابن الجوزي وغيره: قلّ بصر الناصر في آخر عمره، وقيل:

ذهب بالكلّية، ولم يشعر بذلك أحد من الرّعية، حتّى الوزير وأهل الدّار.


[١] كذا في «ط» و «العبر» : «إلا أشهرا» وفي «آ» : «إلا شهرا» .
[٢] في كتابه «مفرج الكروب» وهو غير متوفر بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>