للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجارة، فشغله مولاه بالأسفار في متاجره، فكان يتردد إلى [كيش] وعمان [١] والشام. وجرت بينه وبين مولاه نبوة [٢] أوجبت عتقه والبعد عنه، فاشتغل بالنسخ بالأجرة، وحصلت له بالمطالعة فوائد. ثم إن مولاه بعد مديدة ألوى [٣] عليه وأعطاه شيئا وسفّره إلى كيش، ولما عاد كان مولاه قد مات. فحصّل شيئا مما كان في يده وأعطاه أولاد مولاه وزوجته وأرضاهم به، وبقي بيده بقية جعلها رأس ماله. وسافر بها وجعل بعض تجارته كتبا.

وكان متعصبا على عليّ- رضي الله عنه- وكان قد اطلع على شيء من كتب الخوارج، فعلق في ذهنه منها طرف قويّ. وتوجه إلى دمشق في سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقعد في بعض أسواقها. وناظر بعض من يتعصب لعليّ- رضي الله عنه- وجرى بينهما كلام أدّى إلى ذكر علي- رضي الله عنه- بما لا يسوغ، فثار عليه الناس ثورة كادوا يقتلونه، فسلم منهم وخرج من دمشق منهزما بعد أن بلغت القصة [٤] إلى والي البلد، فطلبه فلم يقدر عليه، ووصل إلى حلب خائفا يترقب، وخرج منها إلى الموصل، ثم انتقل إلى إربل، وسلك منها إلى خراسان، ووصل إلى خوارزم، فصادف خروج التتار، فانهزم بنفسه كبعثته [٥] يوم الحشر من رمسه. وقاسى في طريقه من الضائقة [٦]


[١] تحرفت لفظة «وعمان» في «آ» و «ط» إلى «نعمان» والتصحيح من «وفيات الأعيان» مصدر المؤلف ولفظة «كيش» التي بين الحاصرتين مستدركة منه. وكيش جزيرة في الخليج العربي، و «كيش» تعجيم «قيس» صارت في المئة السادسة مرفأ تجارة، وقد نسب المحدّثون إليها إسماعيل بن مسلم العبدي الكيشي. انظر «معجم البلدان» (٤/ ٤٩٧- ٤٩٨) و «بلدان الخلافة الشرقية» ص (٢٩٣) .
[٢] أي: جفوة. انظر «لسان العرب» (نبا) .
[٣] أي: عطف. انظر «مختار الصحاح» (لوي) .
[٤] في «وفيات الأعيان» : «القضية» .
[٥] في «ط» : «كبعثة» .
[٦] في «وفيات الأعيان» : «من المضايقة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>