للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للناشد ونحوه. وكان يسيّر في كل سنة دفعتين، جماعة من أصحابه وأمنائه إلى بلاد الساحل ومعهم جملة مستكثرة من المال يفتكّ [١] بها أسرى المسلمين من أيدي الكفّار، فإذا وصلوا إليه أعطى كلّ واحد شيئا، وإن لم يصلوا فالأمناء يعطوهم بوصية منه.

وكان يقيم في كل سنة سبيلا للحاج ويسيّر معهم جميع ما تدعو إليه حاجة المسافر في الطريق، ويسيّر أمينا معه خمسة آلاف دينار ينفقها في الحرمين على المحاويج وأرباب الرواتب، وله بمكّة- حرسها الله تعالى- آثار جميلة، وهو أول من أجرى الماء إلى جبل عرفات [ليلة الوقوف] [٢] وغرم [٣] عليه جملة كثيرة، وعمل [٤] بالجبل مصانع للماء.

وأما احتفاله بمولد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، فإن الوصف يقصر عن الإحاطة به [٥] . كان يعمله سنة في الثامن من شهر ربيع الأول، وسنة في الثاني عشر لأجل الاختلاف الذي فيه، فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل، والبقر، والغنم شيئا كثيرا، يزيد على الوصف، وزفّها بجميع ما عنده من الطّبول والمغاني والملاهي، حتى يأتي بها [إلى] الميدان، ثم يشرعون في نحرها، وينصبون القدور ويطبخون الألوان المختلفة، فإذا كان ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة، ثم ينزل وبين يديه من الشموع الموكبية التي تحمل كل واحدة على بغل، ومن ورائها رجل يسندها، وهي مربوطة على ظهر البغل، فإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل الخلع والبقج ويخلع على كل واحد من الفقهاء، والوعاظ، والقرّاء، والشعراء، ويدفع لكل


[١] في «آ» و «ط» : «يفك» وما أثبته من «وفيات الأعيان» .
[٢] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[٣] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «عرم» . وغرم: استدان. انظر «لسان العرب» (غرم) .
[٤] في «وفيات الأعيان» : «وعمّر» .
[٥] لفظة «به» سقطت من «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>