للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في «طبقات الأولياء» له: وقال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» [١]- وهو ممن كان يحطّ عليه ويسيء الاعتقاد فيه-: كان عارفا [٢] بالآثار والسّنن، قويّ المشاركة في العلوم. أخذ الحديث عن جمع، وكان يكتب الإنشاء لبعض ملوك المغرب، ثم تزهّد وساح، ودخل الحرمين والشام، وله في كل بلد دخلها مآثر. انتهى.

وقال بعضهم: برز منفردا مؤثرا للتخلّي والانعزال عن الناس ما أمكنه، حتى إنه لم يكن يجتمع به إلّا الأفراد، ثم آثر التآليف، فبرزت عنه مؤلّفات لا نهاية لها، تدلّ على سعة باعه، وتبحّره في العلوم الظّاهرة والباطنة، وأنه بلغ مبلغ الاجتهاد في الاختراع والاستنباط، وتأسيس القواعد والمقاصد التي لا يدريها ولا يحيط بها إلّا من طالعها بحقّها، غير أنه وقع له في بعض تضاعيف تلك الكتب كلمات كثيرة أشكلت ظواهرها، وكانت سببا لإعراض كثيرين لم يحسنوا الظنّ به، ولم يقولوا كما قال غيرهم من الجهابذة المحقّقين، والعلماء العاملين، والأئمة الوارثين: إن ما أوهمته تلك الظواهر ليس هو المراد، وإنما المراد أمور اصطلح عليها متأخر وأهل الطريق غيرة عليها، حتّى لا يدّعيها الكذّابون، فاصطلحوا على الكناية عنها بتلك الألفاظ الموهمة خلاف المراد، غير مبالين بذلك، لأنه لا يمكن التعبير عنها بغيرها.

قال المناوي: وقد تفرّق الناس في شأنه شيعا، وسلكوا في أمره طرائق قددا [٣] فذهبت طائفة إلى أنه زنديق لا صدّيق، وقال قوم: إنه واسطة عقد الأولياء، ورئيس الأصفياء، وصار آخرون إلى اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه.


[١] انظر «لسان الميزان» (٥/ ٣١١- ٣١٥) .
[٢] في «لسان الميزان» : «عالما» .
[٣] أي سلكوا في أمره طرائق مقطوعة. انظر «لسان العرب» (قدد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>