للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: منهم الشيخ جلال الدّين السيوطي، قال في مصنّفه «تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي» : والقول الفيصل في ابن العربي اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه، فقد نقل عنه هو أنه قال: نحن قوم يحرم النظر في كتبنا.

قال السيوطي: وذلك لأن الصوفية تواضعوا على ألفاظ اصطلحوا عليها، وأرادوا بها معان غير المعاني المتعارفة منها، فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين أهل العلم الظاهر كفر، نصّ على ذلك الغزّالي في بعضه كتبه، وقال: إنه شبيه بالمتشابه من القرآن والسّنّة، من حمله على ظاهره كفر.

وقال السيوطي أيضا في الكتاب المذكور: وقد سأل بعض أكابر العلماء بعض الصوفية في عصره: ما حملكم على أن اصطلحتم على هذه الألفاظ التي يستشنع ظاهرها؟ فقال: غيرة على طريقنا هذا أن يدعيه من لا يحسنه ويدخل فيه من ليس من أهله، إلى أن قال: وليس من طريق القوم إقراء المريدين كتب التصوف، ولا يؤخذ هذا العلم من الكتب، وما أحسن قول بعض العلماء لرجل قد سأله أن يقرأ عليه «تائية ابن الفارض» فقال له: دع عنك هذا، من جاع جوع القوم، وسهر سهرهم، رأى ما رأوا، ثم قال في آخر هذا التصنيف: إن الشيخ برهان الدّين البقاعي قال في «معجمه» : حكى لي الشيخ تقي الدّين أبو بكر بن أبي الوفاء المقدسي الشافعي، قال- وهو أمثل الصوفية في زماننا- قال: كان بعض الأصدقاء يشير عليّ بقراءة كتب ابن عربي، وبعض يمنع من ذلك، فاستشرت الشيخ يوسف الإمام الصّفدي في ذلك، فقال: اعلم يا ولدي- وفّقك الله- أن هذا العلم المنسوب إلى ابن عربي ليس بمخترع له، وإنما هو كان ماهرا فيه، وقد ادعى أهله أنه لا تمكن معرفته إلّا بالكشف، فإذا فهم المريد مرماهم فلا فائدة في تفسيره، لأنه إن كان المقرّر والمقرّر له مطلعين على ذلك، فالتقرير تحصيل الحاصل، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>