للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان المطلع أحدهما، فتقريره لا ينفع الآخر، وإلّا فهما يخبطان خبط عشواء، فسبيل العارف عدم البحث عن هذا العلم، وعليه السلوك فيما يوصل إلى الكشوف عن الحقائق، ومتى كشف له عن شيء علمه. ثم قال: استشرت الشيخ زين الدّين الخافي، بعد أن ذكرت له كلام الشيخ يوسف، فقال: كلام الشيخ يوسف حسن، وأزيدك أن العبد إذا تخلّق ثم تحقّق ثم جذب، اضمحلت ذاته، وذهبت صفاته، وتخلّص من السوي، فعند ذلك تلوح له بروق الحقّ بالحقّ، فيطلع على كل شيء، ويرى الله عند كل شيء، فيغيب [١] بالله عن كل شيء ولا شيء [٢] سواه، فيظن أن الله عين كل شيء، وهذا أول المقامات، فإذا ترقى عن هذا المقام وأشرف على مقام أعلى منه، وعضده التأييد الإلهي، رأى أن الأشياء كلها فيض وجوده تعالى لا عين وجوده، فالناطق حينئذ بما ظنّه في أول مقام، إما محروم ساقط، وإما نادم تائب، وربّك يفعل ما يشاء. انتهى.

ولقد بالغ ابن المقري في «روضته» فحكم بكفر من شكّ في كفر طائفة ابن عربي، فحكمه على طائفته بذلك دونه [٣] ، يشير إلى أنه إنما قصد التنفير عن كتبه، وإن من لم يفهم كلامه ربما وقع في الكفر باعتقاده خلاف المراد، إذ للقوم اصطلاحات أرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة، فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين أهل العلم الظّاهر ربما كفر كما قاله الغزالي.

ثم قال المناوي: وعوّل جمع على الوقف والتسليم، قائلين: الاعتقاد صبغة، والانتقاد حرمان، وإمام هذه الطائفة شيخ الإسلام النّووي، فإنه استفتي


[١] كذا في «ط» و «المنتخب» (١٦٣/ ب) : «فيغيب» وفي «آ» : «فيغضب» .
[٢] في «آ» و «ط» : «ولا شيئا» والتصحيح من «المنتخب» .
[٣] في «المنتخب» (١٦٣/ ب) : «فحكمه على طائفته دون، بذلك يشير ... » .

<<  <  ج: ص:  >  >>