للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه فكتب: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ ٢: ١٣٤ الآية [البقرة: ١٣٤] ، وتبعه على ذلك كثيرون، سالكين سبيل السّلامة، وقد حكى العارف زرّوق عن شيخه النوري، أنه سئل عنه فقال: اختلف فيه من الكفر إلى القطبانية، والتسليم واجب، ومن لم يذق ما ذاقه القوم ويجاهد مجاهداتهم لا يسعه من الله الإنكار عليهم. انتهى.

وأقول: وممن صرّح بذلك من المتأخرين الشيخ أحمد المقري المغربي، قال في كتابه «زهر الرّياض في أخبار عياض» [١] : والذي عند كثير من الأخيار في أهل هذه الطريقة التسليم، ففيه السّلامة، وهي أحوط من إرسال العنان وقول يعود على صاحبه بالملامة، وما وقع لابن حجر، وأبي حيّان في «تفسيره» من إطلاق اللّسان في هذا الصّدّيق وأنظاره، فذلك من غلس الشيطان، والذي أعتقده ولا يصح غيره، أن الإمام ابن عربي وليّ صالح، وعالم ناصح، وإنما فوّق إليه سهام الملامة من لم يفهم كلامه، على أنه دسّت في كتبه مقالات قدره يجل عنها، وقد تعرض من المتأخرين ولي الله الرّباني سيدي عبد الوهاب الشّعراني [٢]- نفعنا الله به- لتفسير كلام الشيخ على وجه يليق، وذكر من البراهين على ولايته ما يثلج صدور أهل التحقيق، فليطالع ذلك من أراده، والله وليّ التوفيق. انتهى كلام المقري.

ثم قال المناوي: وفريق قصد بالإنكار عليه وعلى أتباعه الانتصار لحظ نفسه، لكونه وجد قرينه وعصريّه يعتقده وينتصر له، فحملته حميّة الجاهلية على معاكسته، فبالغ في خذلانه وخذلان أتباعه ومعتقديه، وقد شوهد عود الخذلان والخمول على هذا الفريق وعدم الانتفاع بعلومهم وتصانيفهم على


[١] ليس بين يدي.
[٢] سترد ترجمته في حوادث سنة (٩٧٣) من المجلد العاشر إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>