للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماع بروح من شاء من الأنبياء والأولياء الماضين، على ثلاثة أنحاء، إن شاء الله، استنزل روحانيته في هذا العالم، وأدركه متجسدا في صورة مثالية شبيهة بصورته الحسّية العصرية، التي كانت له في حياته الدّنيا، وإن شاء الله، أحضره في نومه، وإن شاء انسلخ عن هيكله واجتمع به [١] ، وهو أكثر القوم كلاما في الطريق، فمن ذلك ما قال: ما ظهر على العبد إلّا ما استقرّ في باطنه، فما أثّر فيه سواه، فمن فهم هذه الحكمة وجعلها مشهودة أراح نفسه من التعلق بغيره، وعلم أنه لا يؤتى عليه بخير ولا شرّ إلّا منه، وأقام العذر لكل موجود. وقال: إذا ترادفت عليك الغفلات وكثرة النوم، فلا تسخط ولا تلتفت لذلك، فإن من نظر الأسباب مع الحقّ أشرك. كن مع الله بما يريد لا مع نفسك بما تريد، لكن لا بد من الاستغفار.

وقال [٢] : علامة الراسخ أن يزداد تمكنا عند سلبه، لأنه مع الحقّ بما أحبّ، فمن وجد اللذّة في حال المعرفة دون السلب فهو مع نفسه غيبة وحضورا.

وقال [٢] : من صدق في شيء وتعلقت همته بحصوله، كان له عاجلا أو آجلا، فإن لم يصل إليه في الدنيا فهو له في الآخرة. ومن مات قبل الفتح رفع إلى محلّ همته.

وقال [٢] : العارف يعرف ببصره ما يعرفه غيره ببصيرته، ويعرف ببصيرته ما لا يدركه أحد إلّا نادرا، ومع ذلك فلا يأمن على نفسه من نفسه، فكيف يأمن على نفسه من مقدور ربّه، وهذا مما قطع الظهور سَنَسْتَدْرِجُهُمْ من حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ٧: ١٨٢ [الأعراف: ١٨٢] .

وقال [٢] : لا ينقص العارف قوله لتلميذه: خذ هذا العلم الذي لا تجده


التصوف. مات سنة ستمائة وثلاث وسبعون. انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (٨/ ٤٥) و «الأعلام» (٦/ ٣٠) .
[١] أقول: كل هذا من المبالغات التي لا تجوز. (ع) .
[٢] القائل ابن العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>