للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راية أبيه يوم الجمل، وقال: هذه مصيبة عمياء، فقال له أبوه: ثكلتك أمّك، أتكون عمياء وأبوك قائدها، وروي نحو هذا في يوم صفّين عنه.

وقيل له: كيف كان أبوك يقحمك المهالك دون أخويك، فقال: كانا عينيه، وكنت يده، فكان يتّقي عن عينيه بيده، وكان شديد القوّة، قيل:

استطال أبوه درعا فقطعه من الموضع الذي علّم له.

قيل: إن ملك الرّوم وجّه إلى معاوية رجلين أحدهما جسيم طويل، والآخر قوي، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: أمّا الطويل فعندنا كفؤه، وهو قيس بن سعد بن عبادة، ورأيك في الآخر، فقال معاوية: هاهنا رجلان، محمّد بن الحنفيّة، وعبد الله بن الزّبير، ومحمد هو أقرب إلينا على كلّ حال، فلما حضروا نزع قيس سراويله ورماها إلى العلج [١] فبلغت ثّندوته [٢] فأطرق العلج مغلوبا، وقيل: لاموا قيسا على خلع سراويله في المجلس، فقال:

أردت لكي ما يعلم القوم أنّها ... سراويل قيس والوفود شهود

وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه ... سراويل عاديّ نمته ثمود [٣]

وقال محمّد بن الحنفيّة: قولوا للعلج: إن شاء جلس وأقمته كرها بيد، أو يقعدني، وإن شاء، فليكن هو القائم، وأنا القاعد، فاختار الرّوميّ الجلوس، فأقامه محمّد، وعجز هو عن إقعاده، ثم اختار أن يقعد، فعجز


[١] قال الزبيدي: العلج: الرجل من كفار العجم، والقوي الضخم. «تاج العروس» «علج» (٦/ ١٠٨) ، وانظر «لسان العرب» لابن منظور «علج (٤/ ٣٠٦) .
[٢] قال ابن منظور: الثندوة: لحم الثّدي، وقيل: قال ابن السّكّيت: هي الثندوة للحم الّذي حول الثدي غير مهموز، ومن همزها ضم أولها، فقال: ثندوة، ومن لم يهمز فتحه، وقال غيره: الثّندوة للرجل، والثدي للمرأة. «لسان العرب» «ثند» (١/ ٥١٠) .
[٣] البيتان في «المعارف» لابن قتيبة ص (٥٩٣) مع بعض الاختلاف في ألفاظهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>