قتله أخوه الملك الصالح خنقا بقلعة دمشق، ودفن بتربة شمس الدولة ولم تطل مدة أخيه بعده بل كان بينهما عشرة أشهر، ورأى في نفسه العبر.
وفيها أفضل الدّين الخونجي [١]- بخاء معجمة مضمومة ثم واو بعدها نون ثم جيم- محمد بن ناماور- بالنون في أوله- ابن عبد الملك، قاضي القضاة، أبو عبد الله الشافعي.
ولد في جمادى الأولى سنة تسعين وخمسمائة، واشتغل في العجم، ثم قدم مصر وولي قضاءها، وطلب وحصّل، وبالغ في علوم الأوائل، حتّى تفرّد برئاسة ذلك في زمانه. وأفتى وناظر، وصنّف «الموجز» و «الجمل» و «كشف الأسرار» وغير ذلك.
قال أبو شامة: كان حكيما، منطقيا، مات في رمضان ودفن بسفح المقطّم.
ورثاه تلميذه العزّ الإربلي الضرير فقال من قصيدة أولها:
قضى أفضل الدّنيا فلم يبق فاضل ... ومات بموت الخونجيّ الفضائل
فيا أيّها الحبر الذي جاء آخرا ... فحلّ لنا ما لم تحلّ الأوائل
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : له «الموجز» في المنطق، وكتاب «أدوار الحميات» وكان تلحقه غفلة فيما يفكره من المسائل العقلية. جلس يوما عند السلطان وأدخل يده في رزّة هناك ونسي روحه في الفكرة، فقام الجماعة وبقي جالسا تمنعه أصبعه من القيام، فظنّ السلطان أن له حاجة، فقال له: أللقاضي حاجة؟ قال: نعم تفك أصبعي من الرزّة، فأحضر حدادا
[١] انظر «ذيل الروضتين» ص (١٨٢) و «العبر» (٥/ ١٩١) و «سير أعلام النبلاء» (٢٣/ ٢٢٨) و «طبقات الشافعية الكبرى» (٨/ ١٠٥- ١٠٦) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (١/ ٥٠٢- ٥٠٣) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢/ ١٥٨- ١٥٩) .