للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تنالني شفاعة محمّد [صلى الله عليه وسلم] وإني في آخر يوم من الدّنيا، وأول يوم من الآخرة، إن كنت وضعت يدي عليها لريبة، ثم مات.

وكان أوصى رجلا أن يأتي حيّ بثينة فيعلو شرفا [١] ويصيح بهذين البيتين:

صرخ النّعيّ وما كنى بجميل ... وثوى بمصر ثوى بغير قفول

قومي بثينة فاندبي بعويل ... وابكي خليلا دون كلّ خليل [٢]

قال: فخرجت كأنها بدر في دّجنّة [٣] تتثنّى في مرطها [٤] فقالت: يا هذا إن كنت صادقا فلقد قتلتني، وإن كنت كاذبا فلقد فضحتني، فقلت: والله إني صادق، وأخرجت حلّته فلما رأتها صاحت وصكّت وجهها [٥] وغشي عليها ساعة [٦] ، واجتمع نساء الحيّ يبكين معها ومن قوله فيها:

وخبّرتماني أنّ تيماء منزل ... لليلى إذا ما الصّيف ألقى المراسيّا

فهذي شهور الصّيف عنّا قد انقضت ... فما للنّوى يرمي بليلى المراميا [٧]


[١] الشّرف: العلو، والمكان العالي «مختار الصحاح» للرازي ص (٣٣٥) .
[٢] البيتان في «الأغاني» لأبي فرج الأصفهاني (٨/ ١٥٣) :
«صدع النّعيّ وما كنى بجميل ... وثوى بمصر ثواء غير قفول
قومي بثينة فاندبي بعويل ... وابكي خليلك دون كلّ خليل»
وبين البيتين بيت آخر هو:
«ولقد أجرّ الذّيل في وادي القرى ... نشوان بين مزارع ونخيل»
[٣] الدّجنّة: من الغيم المطبق تطبيقا: الرّيّان المظلم الذي ليس فيه مطر. «مختار الصحاح» للرازي ص (١٩٩) .
[٤] المرط: واحد المرط، وهي أكسية من صوف أو خزّ كان يؤتزر بها. «مختار الصحاح» للرازي ص (٦٢٢) .
[٥] أي ضربته.
[٦] قال أبو الفرج الأصفهاني في «الأغاني» (٨/ ١٥٤) : ثم قامت وهي تقول:
«وإنّ سلوي عن جميل لساعة ... من الدّهر ما حانت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر ... إذا متّ بأساء الحياة ولينها»
[٧] البيتان في «وفيات الأعيان» (١/ ٣٦٧) بهذا اللفظ، وهما في «ديوانه» ص (٢٢٤) جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>