للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطان مصر ناصر- طال بقاؤه- أنا لما توجهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم فقتلناهم بسيف الله، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدّموها، فكان قصارى كلامهم سببا لهلاك نفوس تستحق الإهلاك. وأما ما كان من صاحب البلد [١] فإنه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديتنا [٢] ، فسألناه عن أشياء كذبنا فيها، فاستحق الإعدام. وكان كذبه ظاهرا، وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً ١٨: ٤٩ [٣] .

أجب ملك البسيطة، ولا تقولنّ: قلاعي المانعات، ورجالي المقاتلات، ولقد بلغنا أن شذرة من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة:

أين المفرّ ولا مفرّ لهارب ... ولنا البسيطان الثرى والماء

فساعة وقوفك على كتابنا، تجعل قلاع الشّام سماءها أرضا وطولها عرضا [٤] ، والسلام.

ثم أرسل له كتابا ثانيا يقول فيه: خدمة ملك ناصر- أطال عمره-.

أما بعد: فإنا فتحنا بغداد واستأصلنا ملكها وملكها إلى هنا [٥] وكان ظنّ- وقد ضنّ [٦] بالأموال، ولم ينافس الرّجال- أن ملكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذكره، ونما قدره، فخسف في الكمال بدره:

إذا تمّ أمر بدا نقصه ... توقّع زوالا إذا قيل تمّ


[١] في «تاريخ الخلفاء» ص (٤٧٣) : «البلدة» .
[٢] في «آ» و «ط» : «عبودتنا» وأثبت لفظ «تاريخ الخلفاء» مصدر المؤلف.
[٣] قلت: وذلك اقتباس من قوله تعالى: وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ١٨: ٤٩ [الكهف: ٤٩] مع مراعاة أن الله عزّ وجلّ ذكر هذه الآية في حق أهل النار، بينما استشهد بها هولاكو أو من كتب له- وهو ابن العلقمي على الأرجح- في الكلام على خليفة المسلمين، لعن الله هولاكو وكل من رضي بأعماله في حق ديار المسلمين ظاهرا أو باطنا.
[٤] في «آ» و «ط» : «سماءها أرضها، وطولها عرضها» وأثبت لفظ «تاريخ الخلفاء» مصدر المؤلف.
[٥] عبارة «إلى هنا» لم ترد في «تاريخ الخلفاء» الذي بين يدي.
[٦] في «تاريخ الخلفاء» : وقد فتن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>