ولد سنة ستمائة أو إحدى وستمائة، وسمع من جماعة، وأخذ العربية عن غير واحد، وجالس بحلب ابن عمرون وغيره، وتصدّر لإقراء العربية، ثم انتقل إلى دمشق. وأقام بها يشغل ويصنّف، وتخرّج به جماعة كثيرة، وخالف المغاربة في حسن الخلق والسّخاء والمذهب، فإنه كان شافعيّ المذهب.
قال الذهبي: صرف همّته إلى إتقان لسان العرب، حتّى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السّبق وأربى على المتقدمين، وكان إماما في القراءات وعللها، وصنّف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار «الشّاطبية» وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها، والاطلاع على وحشيّها. وأما النحو والتصريف، فكان فيه بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى. وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو، فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون منه ويتعجبون من أين يأتي بها. وكان ينظم الشعر سهلا عليه. هذا مع ما هو عليه من الدّين المتين، وصدق اللهجة، وكثرة النّوافل، وحسن السّمت، ورقّة القلب، وكمال العقل، والوقار والتّؤدة. وروى عنه النّوويّ وغيره. ونقل عنه في «شرح مسلم» أشياء.
توفي بدمشق في شعبان ودفن بالرّوضة قرب الموفق.
ومن تصانيفه كتاب «تسهيل الفوائد» في النحو. وكتاب «الضّرب في معرفة لسان العرب» وكتاب «الكافية الشافية» وكتاب «الخلاصة» وكتاب «العمدة» وشرحها. وكتاب «سبك المنظوم وفك المختوم» وكتاب «إكمال الإعلام بتثليث الكلام» وغير ذلك.
وفيها أبو عبد الله نصير الدّين محمد بن محمد بن حسن [الطّوسي][١] ...
[١] انظر «العبر» (٥/ ٣٠٠) و «البداية والنهاية» (١٣/ ٢٦٧- ٢٦٨) و «النجوم الزّاهرة» (٧/ ٢٤٥) وما بين الحاصرتين زيادة منها.