للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفقه على الإمامين ابن الصّلاح، وابن عبد السّلام.

وبرع في المذهب وهو شابّ، وجلس للإشغال وله بضع وعشرون سنة، وكتب على الفتاوى وله ثلاثون سنة. وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار.

قال القطب اليونيني: انتفع به جمّ غفير، ومعظم قضاة الشّام وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته. وكان- رحمه الله- عنده من الكرم المفرط وحسن العشرة، وكثرة الصّبر والاحتمال، وعدم الرغبة في التّكثّر من الدنيا، والقناعة والإيثار، والمبالغة في اللّطف، ولين الكلمة والأدب، ما لا مزيد عليه.

وقال الذهبي: فقيه الشام، درّس وناظر وصنّف، وانتهت إليه رئاسة المذهب في الدّنيا، كما انتهت إلى ولده برهان الدّين. وكان من أذكياء العالم، وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة، وهو أجلّ ممن [١] ينبّه عليه مثلي.

وكان- رحمه الله- يلثغ بالراء، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف اللّحية، قصيرا، حلو الصّورة، مفركح السّاقين: ولهذا قيل له: الفركاح.

وقال ابن قاضي شهبة: كان أكبر من النّووي بسبع سنين، وكان أفقه نفسا، وأزكى قريحة، وأقوى مناظرة، من الشيخ محيي الدّين [٢] ، وأكثر محفوظا منه. وكان قليل المعلوم كثير البركة، وكان مدرّس البادرائية، ولم يكن بيده سواها.

وقال الذهبي: جمع تاريخا مفيدا، وصنّف التصانيف، رأيته وسمعت كلامه في حلقة إقرائه مدّة، وكان بينه وبين النّووي- رحمهما الله- وحشة.

توفي بالبادرائية في خامس جمادى الآخرة ودفن بمقبرة باب الصغير.


[١] ويقال أيضا: «وهو أجلّ من أن ... » .
[٢] يعني النووي رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>