للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، سنة مولد النّووي، وتفقه بالشام على ابن عبد السّلام، ثم ولي قضاء الكرك قديما في دولة الملك الظّاهر، ثم دخل القاهرة واستوطنها، وناب في الحكم، ثم ترك ذلك، ولزمته الطلبة للاشتغال عليه.

وممن أخذ عنه الشيخ تقي الدّين السّبكي، أخذ عنه الأصلين وتخرّج به في المناظرة، وله مصنّفات في فنون [ليست على قدر علمه] .

قال ابن شهبة: كان أعلم أهل الأرض بمذهب الأشعري، وكان هو بالقاهرة والصّفي الهندي بالشام القائمين بنصرة مذهب الأشعري، وكان ابن دقيق العيد كثير التعظيم له.

وقال التّقي السّبكي: كان ابن دقيق العيد لا يخاطب أحدا إلّا بقوله: يا إنسان غير اثنين الباجي، وابن الرّفعة، يقول للباجي: يا إمام، ولابن الرّفعة يا فقيه.

وقال الإسنوي: له في المحافل مباحث مشهورة، وفي المشاهد مقامات مأثورة. كان إماما في الأصلين، والمنطق، فاضلا فيما عداها. وكان أنظر أهل زمانه ومن أذكاهم قريحة، لا يكاد ينقطع في المباحث، فصيح العبارة. وكان يبحث مع الكبير والصغير إلّا أنه قليل المطالعة جدا، ولا يكاد أحد يراه ناظرا في كتاب.

وصنف مختصرات في علوم متعددة، واشتهرت وحفظت في حياته، وعقب موته، ثم انطفت كأن لم تكن.

توفي في ذي القعدة ودفن بالقرافة بقرب المكان المعروف بورش.

وفيها العالمة الفقيهة الزّاهدة القانتة، سيدة نساء زمانها، الواعظة أمّ زينب فاطمة بنت عبّاس البغدادية [١] الشّيخة بمصر، عن نيّف وثمانين سنة، وشيّعها خلائق، وانتفع بها خلق من النساء وتابوا. وكانت وافرة العقل والعلم [٢] ، قانعة


[١] انظر «ذيول العبر» ص (٨٠) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (٣٠١) و «الدرر الكامنة» (٣/ ٢٢٦) و «حسن المحاضرة» (١/ ٣٩٠) .
[٢] كذا في «ط» و «المنتخب» لابن شقدة: «وافرة العقل والعلم» وفي «آ» و «ذيول العبر» مصدر المؤلف، و «حسن المحاضرة» : «وافرة العلم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>