للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى لثبوت أمور فظيعة وكلمات شنيعة، فتغيب عن دمشق، وأقام بمصر بالجامع الأزهر، وتردّد إليه جماعة. وكان الشيخ صدر الدّين يتردّد إليه ويبهت في وجهه ويجلس بين يديه، وكان يري الناس بوارق شيطانية، وكان له قوة تأثير، وشهد عليه أيضا بما أبيح دمه به، منهم: الشيخ مجد الدّين التّونسي، فسافر إلى العراق، ثم سعى أخوه بحماة حتّى حكم الحنبلي بعصمة دمه، فغضب المالكي وجدّد الحكم بقتله، وكان أولا فقيها بالمدارس، ثم حصل له كشف شيطانيّ فضلّ به جماعة، وكان يتنقّص بالأنبياء، ويتفوّه بعظائم، ثم قدم القابون [١] مختفيا، وسكن بها إلى أن مات في ربيع عن ستين سنة.

وفيها بدر الدّين أبو عبد الله محمد بن عثمان بن يوسف بن محمد بن الحدّاد الآمدي ثم المصري [٢] ، الخطيب الحنبلي.

قال ابن رجب: الإمام، الصّدر، [الرئيس] الفقيه، خطيب دمشق وحلب.

سمع الحديث، وتفقّه بالدّيار المصرية، وحفظ «المحرر» وشرحه على ابن حمدان، ولازمه مدة من السنين، حتّى قرأه عليه، وبرع في الفقه، وكان ابن حمدان يشكره ويثني عليه كثيرا، واشتغل بالكتابة، واتصل بالأمير قراسنقر [٣] المنصوري بحلب، فولّاه [٤] نظر الأوقاف وخطابة جامعها، وصرف عنه جلال الدّين القزويني، ثم صرف بالقزويني. وولي ابن الحدّاد حينئذ نظر المارستان، ثم ولي حسبة دمشق ونظر الجامع، واستمر في نظره إلى حين وفاته، وعيّن لقضاء الحنابلة في وقت.

وتوفي ليلة الأربعاء سابع جمادى [الأولى] بدمشق ودفن بمقبرة باب الصّغير.


[١] قرية كبيرة إلى الشرق من دمشق تعدّ أراضيها من أخصب أراضي الغوطة الشرقية وقد زحف العمران عليها في عصرنا فأتى على الكثير الكثير من أراضيها. انظر خبرها في «معجم البلدان» (٤/ ٢٩٠) .
[٢] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٣٧٦- ٣٧٧) وما بين الحاصرتين مستدرك منه.
[٣] في «آ» و «ط» : «سنقر» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٤] في «ط» : «وولّاه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>