ولد في ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة بحماة، وسمع الكثير، واشتغل، وأفتى، ودرّس. وأخذ أكثر علومه بالقاهرة عن القاضي تقي الدّين بن رزين. وقرأ النحو على الشيخ جمال الدّين بن مالك.
وولي قضاء القدس سنة سبع وثمانين، ثم نقل إلى قضاء الدّيار المصرية سنة تسعين، وجمع له بين القضاء ومشيخة الشيوخ. ثم نقل إلى دمشق وجمع له بين القضاء والخطابة ومشيخة الشيوخ. ثم أعيد إلى قضاء الدّيار المصرية بعد وفاة ابن دقيق العيد. ولما عاد الملك الناصر من الكرك عزله مدة سنة ثم أعيد، وعمي في أثناء سنة سبع وعشرين فصرف عن القضاء، واستمرّ معه تدريس الزاوية بمصر، وانقطع بمنزله بمصر قريبا من ست سنين يسمع عليه، ويتبرك به إلى أن توفي.
قال الذهبي في «معجم شيوخه» : قاضي القضاة، شيخ الإسلام، الخطيب المفسّر، له تعاليق في الفقه، والحديث، والأصول، والتواريخ، وغير ذلك، وله مشاركة حسنة في علوم الإسلام، مع دين، وتعبّد، وتصوّن، وأوصاف حميدة، وأحكام محمودة، وله النّظم، والنّثر، والخطب، والتلامذة، والجلالة الوافرة، والعقل التّام الرّضي، فالله تعالى يحسن له العاقبة، وهو أشعريّ فاضل.
وقال السّبكي في «الطبقات الكبرى» : حاكم الإقليمين مصرا وشاما، وناظم عقد الفخار الذي لا يسامى، متحلّ بالعفاف إلّا عن مقدار الكفاف، محدّث، فقيه، ذو عقل لا تقوم أساطين الحكماء بما جمع فيه.
ومن نظمه قوله:
لمّا تمكّن في فؤادي حبّه ... عاتبت قلبي في هواه ولمته
فرثى له طرفي وقال أنا الذي ... قد كنت في شرك الرّدى أوقعته
عاينت حسنا باهرا فاقتادني ... قسرا إليه عند ما أبصرته
ص (١٧٨) و «النجوم الزاهرة» (٩/ ٢٩٨) و «الوافي بالوفيات» (٢/ ١٨- ٢٠) و «طبقات الشافعية الكبرى» (٩/ ١٣٩- ١٤٦) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢/ ٣٦٩- ٣٧١) و «الدّرر الكامنة» (٣/ ٢٨٠- ٢٨٣) .