ولد سنة إحدى وخمسين وستمائة، وسمع من ابن عبد الدائم وغيره، وصحب الشيخ شمس الدّين ابن الكمال وغيره من العلماء والصّلحاء. وكان صالحا، تقيا، من خيار عباد الله، يقتات من عمل يده، وكان عظيم الحرمة، مقبول الكلمة عند الملوك. وولاة الأمور، ترجع إلى رأيه وقوله. أمّارا بالمعروف نهاء عن المنكر.
ذكره الذهبي في «معجم شيوخه» وقال: كان مشارا إليه في الوقت بالإخلاص، وسلامة الصّدر، والتّقوى، والزّهد، والتّواضع التّام، والبشاشة، ما أعلم فيه شيئا يشينه في دينه أصلا.
وقال ابن رجب: حدّث بالكثير، وسمع منه خلق، وأجاز لي ما تجوز له روايته بخطّ يده.
وتوفي في ثالث عشر ربيع الأول، ودفن بقاسيون، رحمه الله تعالى.
وفيها شمس الدّين أبو المعالي محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن علي بن عقيل [١] ، الإمام، العالم، الفقيه، الشافعي، المفتي المدرّس الكبير بن القمّاح القرشي المصري.
ولد في ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، وسمع الكثير، وقرأ الحديث بنفسه، وكتب بخطّه، وتفقه على الظّهير التّرميني وغيره، وبرع، وأفتى، ودرّس بقبة الإمام الشافعي إلى حين وفاته، بعد أن أعاد بها خمسين سنة، وناب في الحكم مدة سنين، وسمع منه خلق كثير من الفقهاء والمحدّثين.
قال الإسنوي: كان رجلا، عالما، فاضلا، فقيها، محدّثا، حافظا لتواريخ المصريين، ذكيا، إلّا أن نقله يزيد على تصرّفه. وكان سريع الحفظ، بعيد النسيان، مواظبا على النّظر والتحصيل، كثير التّلاوة، سريعا، متودّدا.
توفي في ربيع الآخر أو الأول، ودفن بالقرافة.
[١] انظر «ذيول العبر» ص (٢٢١) و «الوافي بالوفيات» (٢/ ١٥٠) و «طبقات الشافعية الكبرى» (٩/ ٩٢- ٩٣) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (٢/ ٣٣٨) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٣/ ٦٦- ٦٧) و «الدّرر الكامنة» (٣/ ٣٠٣- ٣٠٤) و «حسن المحاضرة» (١/ ٤٢٦) .