للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدّثني شيخي العلّامة أبو عبد الله الإيلي أن عبد الله بن إبراهيم الزموري أخبره أنه سمع ابن تيميّة ينشد لنفسه:

محصّل في أصول الدّين حاصله ... من بعد تحصيله علم بلا دين

أصل الضّلالة والإفك المبين فما ... فيه فأكثره وحي الشّياطين

قال: وكان في يده قضيب، فقال: والله لو رأيته لضربته بهذا القضيب.

وشهدت مجلسا عند السّلطان قرئ فيه على أبي زيد بن الإمام حديث:

«لقّنوا موتاكم لا إله إلّا الله» في «صحيح مسلم» [١] ، فقال له الأستاذ أبو إسحاق بن حكم السّلوي: هذا الملقّن محتضر حقيقة، ميت مجازا، فما وجه ترك محتضريكم إلى موتاكم، والأصل الحقيقة، فأجابه أبو زيد بجواب لم يقنعه، وكنت قد قرأت على الأستاذ بعض «التنقيح» أي للقرافي، فقلت: زعم القرافي أن المشتق إنما يكون حقيقة في الحال، مجازا في الاستقبال، مختلفا فيه في الماضي إذا كان محكوما به، أما إذا كان متعلق الحكم كما هنا فهو حقيقة إجماعا، وعلى هذا التقرير لا مجاز فلا سؤال.

وذكر أبو زيد ابن الإمام يوما في مجلسه أنه سئل بالمشرق عن هاتين الشرطيتين وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٨: ٢٣ [الأنفال: ٢٣] ، فإنهما يستلزمان بحكم الإنتاج لو علم الله فيهم خيرا لتولوا وهو محال، ثم أراد أن يرى ما عند الحاضرين، فقال ابن الحكم: قال الخونجي: والإهمال بإطلاق لفظ لو، وأن في المتصلة، فهاتان القضيتان على هذا مهملتان، والمهملة في قوة الجزئية، ولا قياس عن جزئيتين. انتهى.

وفيها الملك النّاصر محمد بن الملك المنصور قلاوون بن عبد الله الصّالحي [٢] .


[١] رواه مسلم رقم (٩١٦) في الجنائز: باب تلقين الموتى: لا إله إلّا الله.
[٢] انظر «ذيول العبر» ص (٣٢٣- ٢٢٥) و «النجوم الزاهرة» (٩/ ١٦٥) و «الوافي بالوفيات» (٤/ ٣٥٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>